قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن “مشروع القانون الجنائي “عذاب مبين”، لكونه متأخرا بالنظر إلى حجم النقاش الذي يحوم حوله، وهناك ملاحظات كثيرة؛ ولكن ما أخّره أكثر هو قانون المسطرة الجنائية، لأنه وجب تأطيره ابتداء بهذه المساطر، كما نحن ننتظر إحالة مدونة الأسرة التي توجد الآن بين يدي الملك.. كل هذه الأمور ستُطرح وسنشهد سنتين مقبلتين ممتلئتين بالزخم التشريعي”.
ولفت وهبي، ضمن لقاء خاص مع هسبريس، إلى أن الحروب التشريعية هي “قدره”، مشددا على أنه “مستعد لها”، مضيفا: “مسؤول معي قال لي: أنت تتعذب كثيرا في هذه المواجهات، فقلت له: إذا كان يتعين أن يقوم بهذه الأعمال شخص ما، فيشرفني أن أكون ذلك الشخص”.
وردّ متفاعلا مع سؤال هل يفكر في الاستقالة، موردا: “كلمة الاستقالة لن يسمعها أحد مني، فأنا كُلفتُ بمهمّة ونصبت من طرف البرلمان واقتُرحت من طرف رئيس الحكومة وعُينت من طرف الملك، فلن أخيب آمال هذه المؤسسات الدستورية التي تعبر عن تطور بلدنا دستوريا”، (…) وتابع: “ذهابي من متمنيات البعض، وسيموتون ومتمنّياتهم معهم؛ وأنا قلت يوما: لكل شيء أجله، أنا أشتغل، حين يُطلب مني الرحيل سأرحل”.
“مستجدات في العدالة”
وبعدما فضّل عدم التطرق لمسألة القدرة على تكريس الحريات الفردية ضمن مشروع القانون الجنائي الجديد باعتباره ما زال موضوع مناقشة لم يحسم، ناقش المتحدث الشيك بدون رصيد بين الأزواج، مسجلا أن هناك تعديلات كبرى تتمّ مناقشتها مع بنك المغرب وبقية المؤسسات؛ وقال: “نتمنى في شتنبر المقبل أو أكتوبر أن نتمكن من إحالتها على الحكومة، فنحن اعتبرنا بأن الشيك بدون رصيد يجب ألا يكون جريمة بين الأزواج على غرار السرقة التي لا تعدّ جريمة في سياق الزواج”.
وأوضح وزير العدل أن التصور يقوم على أنه “إذا كان الشيك صادرا بدون رصيد وجاء الشخص وأدى المبلغ، سواء كان مبحوثا عنه أو متابعا أو معتقلا، فسيؤدي غرامة أقل مما هي منصوص عليها الآن بالإضافة إلى إلغاء المتابعة كلها”.
وأضاف أن “من هو ممنوع من الشيك بقرار من بنك المغرب، سيمنع عليه أن يتحصل على وكالة من أية جهة كانت في حساب بنكي؛ لأن ما كان يقع أن شخصا ينطبق عليه هذا المنع يجلب شخصا آخر يفتح حسابا بنكيا ويستفرد هو بالتوقيع انطلاقا من وكالة”.
وسجل أن النقاش يتمحور أيضا على تحديد الحد الأدنى من الشيك مثلا كعدم اعتبار 1000 أو 1500 درهم جريمة حتى نحل مجموعة من المشاكل”.
وشدد في هذا السياق على أن “الشيك يفقد الثقة بين الأزواج.. ولهذا نريد أن نحوله إلى نزاع مدني وأن نفرغه من الحمولة الجرمية، لأنه حين يمنح الزوج زوجته شيكا يكون ذلك في إطار العشق؛ غير أنه بمجرد ما يحدث نزاع نصبحُ أمام جريمة.. وهذا ليس له معنى، خصوصا أن الأطفال يتضرّرون منه”.
“نقاشات بالجملة”
رفضا للرّبط الذي انتعش خلال مناقشة القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة العقوبات البديلة وباعتباره حلاّ للاكتظاظ في المؤسسة السجنية، أكد المسؤول الحكومي أنه “لم يفكر في هذا القانون لتخفيف الضغط عن المؤسسات السجنية”، مشددا على أن المنطلق كان هو “منح فرص للشباب الذين ارتكبوا جرائم بسيطة لكي يجدوا حلاّ آخر غير السجن”، (…) وتابع: هي بدائل جديدة، قد تخفف على المؤسسات السجنية وقد لا تخفف ولكنها ستكون بديلة عن السجن، لأنه ليس الجميع يتعين أن يكون في المعتقل”.
وفيما يتصل بنقاش عقود الزواج في المؤسسات الفندقية، قال الوزير المثير للجدل إنه ينطلق في أي نقاش من “الأساس القانوني”، موضحا: “حتى نمنع مواطنا من القيام بشيء ما، فيتعين أن يكون ذلك بناء على نص تشريعي؛ ولهذا أنا سألتهم في قبة البرلمان أين النص القانوني الذي يمنح الصلاحية للفندقي ليطلع على عقد الزواج؟”.
وأورد المسؤول الحكومي الوصي على قطاع العدل: إضافة لذلك هل هذه السيدة التي تأتي مع شخص ما للفندق حتما جلبها من الشارع كما يقال؟، وتابع شارحا: ومثلا إذا كانت زوجته وتمت إهانتها أمام الناس ويطلب منهما عقد الزواج وهي تشعر بأنها في وضعية غير شرعية لكونها لم تحضر عقد قرانهما”.
وبخصوص ربط هذا الأمر برغبة وزير العدل “الحداثي” في تسهيل الجنس الرضائي خارج إطار الزواج، رفض وهبي هذا “الوصل”، متهما عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بأنه “لم يجد ما يقول، ووجد وهبي لطيفا وقرر أن يستعمله من أجل خلق الحدث السياسي”، مضيفا أنه “إذا كان الموضوع يثير اهتمام رئيس الحكومة الأسبق ولذته السياسية، فأنا أقبل أن أؤدي هذا الثمن”.
ومضى شارحا: “حين نتطرق للعلاقات الرضائية، أنا أقول إن هناك فضاءين: الفضاء العام تكون الدولة حاضرة فيه ومن حقها التدخل لضبط السلوكات التي تخرج عن القانون أو تمس بالحشمة. أما الفضاء الخاص فذلك فضاء مغلق من حق الناس أيضا أن يقوموا داخله بما يشاؤون.. لكن حين تحدث داخله جريمة حينها يمكن أن نتحدث”.
وهو يحاول إبعاد التصور عن “نظام المطاوعة السعودي”، لفت عبد اللطيف وهبي إلى أن دخول اثنين إلى بيت ما لا يعني بشكل تلقائي أنهما يفعلان ذلك من أجل القيام بجريمة”، مضيفا أن (التصور الديني) يقول “إلا وكان الشيطان ثالثهما”، فامنحونا بطاقة التعريف الوطنية لهذا الشيطان، حتى نستطيع أن نحضره كشاهد”، وخلص إلى أن “هذه ادعاءات فارغة”.
وفي ما يتعلق بإحالة مدونة الأسرة على المجلس العلمي الأعلى من طرف الملك محمد السادس، ومدى تكريسها لمقولة العاهل المغربي بخصوص “عدم تحليل الحرام ولا تحريم الحلال”، قال وهبي إن هذا التصور نحن كحداثيين ومحافظين نتّفق معه؛ ولكن نحن نختلف في حدود الحرام وفي حدود الحلال”، مسجلا أنه “حينما نكون أمام حالة واقعية (…) إذا كان في الفقه الديني نص قانوني واجتهاد قضائي يسهل الحياة ويفسرها بشكل إيجابي، فهذا هو الاجتهاد الشجاع والجريء.. وفي النهاية الإحالة اختصاص خاص للملك، وهو الذي سيأخذ القرار الذي يراه مناسبا، ونحن سنقوم بالتنزيل”.
The post وهبي: الاشتغال على القانون الجنائي “عذاب مبين” .. ورحيلي أمنية عند كثيرين appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.