تتبّعت ورقة بحثية حديثة الصدور بالتفصيل مسار حضور النساء على مستوى المؤسسة التشريعية بالمغرب، منذ أول انتخابات تشريعية أقيمت في سنة 1963 وصولا إلى انتخابات شتنبر 2021، مسجّلة كون “تطوير المنظومة القانونية غير كاف أمام معيقات ثقافية واجتماعية واقتصادية”.
وأكدت الورقة البحثية المنشورة ضمن عدد يناير الجاري من مجلة “دفاتر برلمانية”، المتخصصة في العلوم الدستورية والسياسية، أنه “يصعب للانتخابات أن توصف اليوم بأنها ديمقراطية مهما كانت حرة ونزيهة، إن لم تكن المرأة حاضرة كمنتخبة وناخبة، ولا يمكن لها أن تكون كذلك إن لم تفرز مجالس منتخبة تسمح بوجود المرأة في مواقع صنع القرار السياسي”.
باعتماد منهج كرونولوجي، بيّن المصدر أنه “منذ أول انتخابات تشريعية في سنة 1963، مرورا بانتخابات سنة 1977، ثم 1984، لم تتمكن أي امرأة من ولوج البرلمان كمنتخبة في المغرب، قبل أن تعرف أول تمثيلية لها بانتخاب امرأتين في انتخابات 1993، قبل أن تتمكن نائبتان ومستشارتان من الفوز في انتخابات 1997”.
كما ذكر أن “إقرار الحقوق السياسية للنساء (الانتخاب، الترشيح…) تم منذ أول دستور في سنة 1962، بعدما تم العمل على تضمين هذه الحقوق للرجال والنساء دون تمييز، قبل المصادقة على الاتفاقية المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة منذ أواسط السبعينات، تحديدا في سنة 1976”.
في السياق نفسه، تحدثت الورقة عن “غياب التمثيلية النسائية خلال الانتخابات التشريعية ما بين 1963 و1984، حيث اتسمت الولاية التشريعية الأولى بعدم حضور المرأة كمنتخبة، بعد اختزال حقها في التصويت، في حين إنه في المحطة الانتخابية لسنة 1977 لم تحظ سوى 8 نساء بتزكية الأحزاب السياسية، قبل أن يرتفع العدد إلى 16 مرشحة في سنة 1984”.
الوثيقة التي أعدها الباحث رشيد المدراسي، أشارت إلى “تقدم 33 مترشحة خلال الانتخابات التشريعية لسنة 1993 و72 مترشحة في الانتخابات التشريعية لسنة 1997، حيث إن هذه النسبة على الرغم من تطورها مقارنة بالسابق، إلا أن نسبة الترشيح النسائي ضمن الكتلة العامة للمرشحين تبقى ضئيلة، إذ فسّره البعض بسيطرة الذكور على مناسب القيادة الحزبية وتهميشهم للعنصر النسوي”، وفق نص الورقة.
وأضافت أن “موضوع المشاركة النسائية للمرأة بالمغرب حظي باهتمام كبير خلال العقدين الأخيرين من لدن مؤسسات الدولة وكل المهتمين بالديمقراطية وحقوق الإنسان، إذ تم تبني نظام الكوطا منذ سنة 2002. فخلال السنة ذاتها تم انتخاب 30 امرأة في إطار لائحة وطنية خصصت حصرا للنساء، إلى جانب 5 نساء نجحن في اللائحة المحلية، وهو ما اعتبره الاتحاد البرلماني الدولي بجنيف دلالة سابقة بالمنطقة”.
ونظام “الكوطا” أو أي إجراء مماثل، وفق المصدر ذاته، “يحتاج إلى تدابير وإجراءات موازية تسمح بتفعيله، إذ يلاحظ أن الأمر لم يتحقق بشكل ملموس في التجربة المغربية، على اعتبار أن قانون الأحزاب السياسية رقم 36.04، على سبيل المثال، لم ينص على هذه الكوطا النسائية داخل الأحزاب”.
واستحضرت الوثيقة وضعية المشاركة البرلمانية للنساء بالمغرب منذ دستور 2011، موردة أن “وصول 67 امرأة إلى مقاعد مجلس النواب رفع نسبة التمثيلية النسائية من 10 إلى 17 في المائة، بما جعل المغرب وقتها الخامس عربيا من حيث تمثيلية المرأة في البرلمان”.
كما أن “تخصيص الجزء الثاني من اللائحة الوطنية لثلاثين مقعدا للشباب المرشحين من كلا الجنسين جعل عدد النساء يرتفع إلى 81 امرأة، لتبلغ بذلك نسبة تمثيليتهن بمجلس النواب 21 في المائة، في وقت لم ترتفع نسبة التقدم ضمن اللوائح الانتخابية المحلية منذ انتخابات 2002 سوى بحوالي 1 في المائة، وهو رقم ضعيف جدا”.
وتحدثت الورقة عن حدوث انعطافة جديدة في مسار ولوج النساء إلى البرلمان، فقد تم “انتخاب 90 امرأة في إطار اللوائح الجهوية المخصصة للنساء، وانتخاب 06 منهن في إطار اللوائح المحلية. أما بالنسبة لمجلس المستشارين، فقد تزايد عدد البرلمانيات برسم انتخابات 2021، بعدما فازت 14 امرأة بمقاعد هذا المجلس، بما يقارب 12 في المائة”.
واعتبر معد الورقة أن “دستور سنة 2011 دعم حقوق المرأة من خلال الاعتراف الدستوري بالمساواة السياسية والحث على تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية، والتنصيص على مبدأ المناصفة والسعي إلى تحقيقه من خلال آليات تشريعية ومؤسساتية”.
كما رصد “أهمية تطوير المنظومة القانونية كضمانة موضوعية لتعزيز تمثيلية المرأة داخل البرلمان”، مشددا على أنها “تبقى غير كافية في ظل وجود العديد من المعيقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، مما يستوجب الرفع من مستوى تكوين وتأطير النساء داخل الأحزاب السياسية ودعم مشاركتهن السياسية كذلك”.
The post ورقة بحثية تناقش التمثيلية النسائية بالبرلمان وتضع “الكوطا” في الميزان appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.