من جديد، انبعث النقاش حول مطالب “استئناف” المصفاة المغربية الوحيدة لتكرير البترول (سامير)، خاصة بعد قرار “مركز التحكيم الدولي حول منازعات الاستثمار”.
في أحدث حلقات هذا الملف “المُعمِّر”، اعتبرت “الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول”، على لسان رئيسها الحسين اليماني، الذي يشغل أيضا مهمة الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز (العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، أن “تقدير واعتبار المصلحة العامة للبلاد أمام الخسائر التي راكمها المغرب بعد خوصصة المصفاة، ومن بعد المؤاخذة في مركز التحكيم الدولي وتغريم المغرب بأداء 150 مليون دولار، زيادة على الخسارات المهولة التي لحقت المال العام في مديونية الشركة، يقتضيان العمل وبدون مزيد من التماطل”.
“مقترحات عملية”
عدّدت “الجبهة” مقترحات تقتضي، حسبها، بـ”تفويت أصول شركة سامير المطروحة للتصفية القضائية، منذ 2016 لفائدة الدولة المغربية عبر مقاصّة الديون أو لفائدة المغاربة عبر الاكتتاب أو عبر كل الصيغ التي تضمن عدم تكرار ما جرى، والشروع الآني في الصيانة والتجهيز لتكرير البترول والاستفادة من فوائد هذه الصناعات لصالح المغرب والمغاربة، قبل هلاك وتلاشي الأصول”.
وقال اليماني، في تصريح توصلت به هسبريس، إن “شركة “سامير”، وخلافا لكل الادعاءات المغلوطة والمقصودة، ما زالت قادرة على الإنتاج وفي ظروف أحسن مما كانت عليه، من بعد الصيانة الشاملة في أجل لا يتعدى السّنة وبميزانية لن تفوق 2.8 مليارات درهم وبطاقة إنتاجية قد تبلغ 67 في المائة من الطلب الوطني على المنتوجات البترولية (الغازوال، البنزين، وقود الطائرات، الفيول، الاسفلت…) وبزيادة مهمة في المخزون الوطني من المواد البترولية”.
وأبرز النقابي المهني ذاته أن “ضمان الحاجيات الوطنية من المواد النفطية (تشكل اليوم أكثر من 50 في المائة من المزيج الطاقي) الضرورية للاقتصاديات العالمية، حيث إن البترول ومشتقاته سيبقى مسيطرا على الأقل على الثلث من المزيج الطاقي، خلال العقود الثلاثة المقبلة، حتى وإن تم التمكن من تطوير صناعات الطاقات المتجددة والجواب على تزايد الطلب على الطاقات”.
كما دعت “جبهة إنقاذ سامير”، وفق ما طالعته هسبريس، إلى “اعتماد مخطط تنموي وتطويري لمصفاة المحمدية، عبر تنفيذ المشروع المؤجَّل من عهد القطاع العام، الرامي لبناء الصناعات البتروكيماوية وتثمين الفائض من الصادرات، والعمل على ربط المصفاة بالشبكة الوطنية للغاز الطبيعي، بغاية الرفع من مردودية الشركة وتقليص الاستهلاك الداخلي والمساهمة في المخطط الوطني لتحلية مياه البحر والاستفادة من تجربة وإمكانيات شركة سامير في هذا المجال”.
ودعت ختاما إلى “الاعتناء بالخبرات والطاقات البشرية في صناعات تكرير البترول، واسترجاع الآلاف من مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة وتمتيع المأجورين والمتقاعدين بشركة سامير، من كامل حقوقهم المعلقة منذ توقف الإنتاج، مع تسطير برنامج مكثف للتكوين وإعادة التكوين وإطلاق عملية التوظيفات الجديدة لتكوين الخلف في امتلاك مفاتيح وتقنيات الصناعات البترولية”.
“ضرورة استراتيجية واقتصادية”
تفاعلا مع الموضوع، أكد يوسف الناصري، خبير اقتصادي متابع لديناميات الإنتاج الطاقي بالمغرب، أنه “بإمكان الدولة، ممثلة في الحكومة لو توفّرت لها الإرادة السياسية المطلوبة، أن تُعيد تشغيل مصفاة سامير”، لافتا إلى أن “المطالب النقابية المرفوعة تظل منطقية إلى حد كبير، خلال الظرفية الحالية لارتفاع أسعار المحروقات”، خصوصا مع استمرار التوترات الجيوسياسية العالمي في أوكرانيا والشرق الأوسط.
واعتبر الناصري أن “الإشكال إذا كان كما تقول الحكومة في مسألة التكرير وليس الخام، فإن إعادة فتح المصفاة وحل إشكالية ديونها سيحلّ هذه المسألة عبر التكرير المحلي وخفض التكلفة، مع توجيه أموال الدعم العمومي للمحروقات بالنسبة لفاعلي النقل الطرقي، إلى فائدة حل ديون الشركة ومناصب العمل بها”.
“المسألة لا تتعلق فقط بمسألة تمويل وإنما إرادة سياسية لحلّ هذا الإشكال الطاقي الذي عمّرَ طويلا”، أورد المحلل الاقتصادي ذاته، الذي اعتبر أن “مدينة المحمدية حُرَمَت بدورها من مداخيل ضريبية مهمة نتيجة أنشطة المصفاة ودورها في تحفيز البيئة الاقتصادية العامة المحيطة من شركات ومقاولات صغرى ومتوسطة كانت تشتغل مع لاسامير”.
وفي تقدير المصرح لهسبريس، “بالنسبة للمغرب، استراتيجيا، يلزَمُ إعادة فتح مصفاة سامير؛ لأن ذلك ضرورة اقتصادية واستراتيجية كبيرة”، لافتا إلى أن “تقرير المطالب النقابية الذي رفعته الجبهة إلى الحكومة يظل معقولا لتجنيب البلاد مزيدا من الخسائر في هذا الملف”.
واستحضر الناصري “طاقة تخزين مواد بترولية تتوفر عليها مصفاة المحمدية تصل إلى 70 في المائة من مجموع احتياجات السوق الوطنية؛ وهذا معطى يساعد في تحكّم الدولة في الأثمنة حينما تكون أسعار النفط مرتفعة عالميا عبر ضمان الاحتياطي من المخزونات. كما يضمن “انخفاض ثمن لتر المحروقات بـ30 إلى 40 في المائة”، حسبه.
The post مقترحات نقابية تطالب بإعادة تشغيل مصفاة “سامير” لضمان الأمن الطاقي appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.