موازاة مع إكمال ملف زلزال الحوز لشهره العاشر، تثير ساكنة المناطق المتضررة من هذه الفاجعة في الوقت الراهن ما تعتبره “تراجعا في التضامن الشعبي وفي حضور معاناة المنكوبين في التداول المدني كقضية رأي عام تحتاج التكاثف”.
وقال منتمون إلى المناطق التي مستها الهزة الأرضية لثامن شتنبر الماضي إن “الدعم الحكومي وإجراءات الدولة يجب أن يوازيها دعم مدني ومساندة شعبية تُمكن الساكنة من عدم الإحساس بأن ملفها ومعاناتها لم يعودَا أساسيين لدى المغاربة”، مؤكدين “حاجة النسيج المدني المغربي إلى التوفيق بين التضامن مع قضايا على الرغم من عدالتها والتضامن مع منكوبي آلاف الدواوير الذين يتطلعون إلى حياة طبيعية”.
وأكد المحليون الذين تحدثوا لهسبريس وجود “تراجع في منسوب القوافل المدنية الإنسانية وتضاؤلِ حجم المبادرات الشعبية التي تستهدف إيواء الأفراد الذين فقدوا منازلهم وصاروا يسكنون خياما يتحملون داخلها حرارة الصيف وبرودة الشتاء، مقارنة بما كان في الأسابيع الأولى للفاجعة”.
عبد الله العسري، من متضرري الزلزال بإقليم تارودانت، أفاد بأن “الحدة التي كان يتم بها الحديث عن منكوبي الفاجعة الأليمة تراجعت ويبدو أنها تقترب من التلاشي؛ فالمغاربة ربما يعتقدون أن الأمور كلها بخير، وأننا قد تخلصنا من وجع الماضي وضرر الفاجعة.. في حين نرى أن العودة إلى الحياة الطبيعية لا تزال بعيدة المنال إلى حدود الساعة”.
وأضاف العسري، مصرحا لهسبريس، أن “التضامن الشعبي مع المتضررين يجب أن يكون دائما ومستمرا إلى أن ينتهي الضرر؛ فنحن مثلا في دوارنا نسكن اليوم في بيوت اصطناعية وفرتها إحدى الجمعيات فيما سبق، مشكورة على ذلك، بينما ننتظر ترحيلنا إلى منطقة أخرى بعدما تعذر تنزيل مخطط الإعمار بموقع الدوار الذي تأثر كليا بالهزة الأرضية وقتها”.
واعتبر المتحدث، الذي ينتمي لدُوّار “مْضيط” بجماعة “تيسراس”، أن “تراجع حدة التضامن مع منكوبي الزلزال الذين لا يزالون اليوم يواجهون حرارة الصيف ويرتقب أن يواجهوا كذلك برودة الشتاء والخريف مجددا يعود إلى عوامل ذاتية وموضعية؛ فالناس هنا لا يطرقون الأبواب بشكل كاف، في حين أن غالبية المغاربة والنسيج المدني ربما يعتقدون أن المشكلة تم حلها كليا خلال الأشهر العشرة الأخيرة”.
المعطيات نفسها أكدها محمد آيت عبد الله، من ساكنة دوار “أنمر” بجماعة “تحناوت” بقيادة ثلاث نيعقوب، بعدما اعتبر أن “التضامن الشعبي يتضح أنه كان فقط موجة تراجعت فيما بعد؛ في حين أن منكوبي الفاجعة لا يزالون بحاجة إليه إلى حدود الساعة، ما دام أن الأمور لم تعد بعد إلى حالتها الطبيعية”.
وسجل آيت عبد الله وجود “مفارقة في تضامن المغاربة مع قضايا إنسانية أخرى، على الرغم من عدالتها، ونضاله من أجلها ميدانيا كل أسبوع مقابل عجزهم عن تنفيذ ولو وقفة تضامنية مع إخوانهم بالحوز وشيشاوة وتارودانت وكل المناطق التي مسها الحادث الأليم لشهر شتنبر الماضي”.
وتابع: “من المهم جدا أن يعرف المغاربة أن هناك من إخوانهم من لا يشتغلون ولا يتوفرون على مداخيل قارة، على الرغم من وجود دعم حكومي، والذي لم يستفد منه الجميع؛ فهناك من يريد أن يشتغل لكنه لا يستطيع ترك أبنائه وزوجته وسط الخيام”.
وأردف المتحدث ذاته بلسان عامي خالص: “دَكْشِي لي داروهْ المغاربة في اليامات اللولة زْوين وتنشكروهوم عليه، ونتمناو تكون مبادرات ثانية حتى يتحل المشكل، والمغاربة راه معروف عليهم التضامن من بكري”.
كواحد من أبناء جماعة إيغيل بإقليم الحوز، بؤرة الزلزال، أورد حسن بن الطيب أن “الساكنة المتضررة لمست بالفعل تراجع الدعم الشعبي والجماهيري لها، في الوقت الذي لا تزال فئة واسعة منها تقطن بالخيام وسط حرارة جد مرتفعة لا يمكن تحملها؛ فالجمعيات لم تعد تأتي باستمرار إلى المناطق المتضررة لدعم المحليين، مما ينضاف إلى ندرة في تواصلِ المسؤولين المحليين بخصوص برنامج الدعم وإعادة الإعمار”.
وقال بن الطيب لهسبريس: “المغاربة أنفسهم الذين نتحدث عنهم هم الذين يخرجون أسبوعيا للتضامن حول قضايا مختلفة يوميا بدون أن يثيروا موضوع المنكوبين بالأقاليم التي مسها زلزال شهر شتنبر الماضي؛ فالإجراءات التي قامت بها الدولة مهمة ومحمودة ولا نبخسها، لكن نرى أنه كان من الممكن أن يكون أداء أفضل، إذ نتحدث عن أناسٍ لم يستفيدوا بعد”.
ولفت المتحدث إلى أن “ما يمكن أن يكون عاملا مساهما في تراجع الإثارة الشعبية لطبيعة الأمور بالمناطق المتضررة من الزلزال هو غياب صحافة محلية بالمنطقة هنا يمكنها أن تنقل بعضا من معاناة المواطنين، حيث لا نزال متعطشين لدعم شعبي يُطمئننا على أن المغاربة لم ينسونا أو أنهم قاموا بطيّ الصفحة بشكل نهائي”.
The post متضررون من “زلزال الحوز” يلتمسون المساندة ويشتكون “تراجع الهبّة الشعبية” appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.