بينما يسير موسم العطل والأسفار الصيفية نحو الانتصاف، بشكل من المفترض أن ينعكس إيجابا على خلق رواج اقتصادي مهم في عدد من القطاعات والمهن، فإن الأمر لا يبدو كذلك بالنسبة لمهنيي قطاع تأجير وكراء السيارات بالمغرب.
بحسب معطيات استقتها جريدة هسبريس الإلكترونية من إفادات مهنيين، تحدثت إليهم عن دينامية السوق خلال الفترة الصيفية الجارية، فإن مجال كراء السيارات، خصوصاً المعدَّة منها لأغراض سياحية أو شخصية، “يعيش على وقع الركود مع ضعف في الطلب”، بالمقارنة مع السنة الماضية أساسًا، وسنوات سابقة بشكل عام، خلال هذه الفترة بالذات.
مروان حنين، عضو “جمعية اتحاد أرباب وكالات تأجير السيارات بالمغرب”، قال: “لا توجد أيّ حركية أو نشاط كبير يميز خدمات كراء وتأجير السيارات خلال هذه الفترة منذ شهر يونيو الماضي”، مسجلا في تصريح لهسبريس “ضُعف الطلب مقابل وفرة في عروض السيارات (خاصة منها الجديدة) من مختلف الطرز والأنواع والأصناف”.
وأكد المهني ذاته أن مختلف المعطيات التي توصلوا بها من مهنيي الجمعية المعروفة باسم “AUPALV”، تشترك في معطى “قلة النشاط وركود الحركة”، معددا في السياق التفسيري ذاته عدة عوامل أسهمت، بحسبه، في كبح دينامية انتعاش كراء السيارات خلال صيف 2024.
وأكد حنين في إفاداته لهسبريس أن “العوامل المؤثرة التي كانت تساهم في نشاط قوي للإقبال على تأجير السيارات ليست قائمة مثل السنوات المنصرمة، أبرزها تأخر فئة كبيرة من مغاربة الخارج في الرجوع إلى أرض الوطن لقضاء عطلتهم وتحريك عجلة الأسفار، تزامناً مع تفضيل البعض منهم البقاء في دول المهجر للعمل والاشتغال الموسمي صيفاً خلال تظاهرات رياضية كبرى تحتضنها أوروبا حاليا (أولمبياد باريس واليورو…).
كما فسّر المهني ذاته انخفاض نشاطات تأجير السيارات بـ”أثر زيادة طفيفة عرفتها أسعار بعض الأصناف الجديدة، بعدما ارتفعت أثمان اقتناء الوكلاء سيارات جديدة بحوالي 25 في المائة (مثلا سيارة 15 مليون سنتيم وصلت 18 و19 مليون سنتيم)، مفيدا بأن “أقل ثمن لسومة التأجير اليومي لسيارة عادية يتراوح حالياً من 300 إلى 350 درهما حسب الطراز والنوع ونوع المحرّك ودرجة استهلاك المحروقات…”، مشددا على “التنافسية في أسعار كراء السيارات خاصة بالمدن الكبرى (جهة الدار البيضاء-سطات نموذجا).
من جهته، أورد عماد صمعان، مهنيٌ متمرس بالقطاع أمين مال “جمعية وكلاء تأجير السيارات” بتطوان، الأسباب ذاتها تقريباً، قائلا: “هو فعلا ركود يسم سوق كراء السيارات بمعظم المدن المغربية، وذلك مقارنة مع الأعوام السابقة في الفترة نفسها”، حسب تعبيره.
ولفت صمعان، متحدثا لهسبريس، إلى أن “عامل الدخول المتأخر لأغلب المغاربة المقيمين بدول أوروبا كان حاسماً في عدم رواج القطاع بالشكل المعهود والمنتَظر كل صيف”، مسجلا أن “الإقبال على كراء السيارات بغرض السفر خصوصا من قِبل المغاربة المقيمين لا يمثل سوى أقل من 5 في المائة من تعاملات أغلب وكالات تأجير السيارات”.
وبينما أفاد المهنيّ ذاته بأن “طرزا عادية من صنف السيارات الجديدة يصل ثمن كرائها اليومي إلى 350 درهما”، لفت إلى أن معظم المهنيين تحمَّلوا “زيادات” عند عمليات اقتناء السيارات الجديدة (على الأقل ارتفعت بـ 30 ألف درهم لكل سيارة مُشتراة لاستعمالها بغرض الكراء).
التنافسية تخدم المستهلك
من زاوية “حماة المستهلك وحقوقه”، يرى وديع مديح، رئيس “الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك” بالمغرب، أن “معدل 200 درهم كسومة كراء سيارة لليوم الواحد يظل معقولا بالنسبة للعديد من فئات وشرائح المستهلكين، رغم ظرفية تراكم مصاريف عديدة في الأشهر الأخيرة التي أرهقت ميزانيات الأسر المغربية”، قبل أن يستدرك بأنه “ثمن مرتفع إذا ما قارنّاه مع ما تقدّمه شركات كبرى مختصة في نشاط التأجير”.
وبالنسبة للفاعل ذاته، في تصريح لهسبريس، فإن “التمييز بين 3 أصناف في السيارات وطرزها وخصائصها، عامل محدّد بقوة لسعر الكراء النهائي وخلق إمكانيات تنافسية معقولة”، وقال شارحا: “ليْس الإشكال أساسا بالنسبة للمستهلك في انخفاض الأثمنة أو ارتفاعها، خاصة إذا توفرت الإمكانية المالية لدى راغب في كراء سيارة وفق تفضيلاته وظروفه، خصوصا في قطاع تشتدّ فيه التنافسية”.
ولفت في المقابل إلى أن “المشكل قد يكمُن في استغلال فرصة عطلة الصيف وظرفية ارتفاع الطلب في فترات معينة تتزامن مع الإجازات السنوية”، موردا أن “التنافسية هي الأصل في نشاط كراء السيارات، ولا يمكننا الذهاب إلى التقنين، لأننا نعتمد سياسة اقتصاد السوق الحر ضمن المنظومة الاقتصادية المغربية”، مفسّرا أن “تحديد الأثمنة يساوي عدم الجودة (غالبا) في المنتوج المستأجَر”.
كما أثار رئيس جامعة “FNAC”، التي تضمّ شبابيك للمستهلك وتمثيلات لجمعيات المستهلك بمختلف جهات المملكة، معادلة “ثنائية الثمن/الجودة” في علاقتها بـ”دفع السوق إلى الارتفاع ، وتنافس وكلاء كراء السيارات على حصص السوق”، معلقا بأن “الركود الذي يتحدث عنه بعض المهنيين منطقي، نظرا لوجود تنافسية كبيرة، وحالياً العرض أكثر من الطلب”.
“المستهلك المغربي يسعى إلى منتوج بجودة مع أرخص ثمن”، يستحضر مديح، مبرزاً أن “التنافسية في جذب الزبائن عادة ما تعطينا الحق في الاختيار، لأنه مبني على الإشعار بالأثمنة مِن الأساس”، قبل أن يتطرق إلى إشكالية “شيكات الضمان التي لا ينتبه إليها المستهلكون، حينما يُرجع السيارة في وضعية/حالة غير تلك التي استأجَرها عليها”، معتبرا أن “المستهلك مُلزَم باحترام عقد نموذج موحَّد فيه شروط وتدابير تهمّ الوضعية الميكانيكية والتقنية للسيارة المكتراة مع ضرورة المراقبة الدورية”.
The post كراء السيارات يتأزم في العطلة الصيفية .. وحماة المستهلك: الحسم للتنافسية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.