بعنوان “منظومة القيم الوطنية والفكرية عند أبي بكر القادري” يفكّر كتاب جماعي جديد في المنجز التربوي والوطني والثقافي لأحد أعلام المطالبة باستقلال المغرب، والعمل من أجل إصلاح الفكر والتعليم وتشجيع الانفتاح دون استلاب أو زهد في إيجابيّات “الذات الثقافية المغربية”.
وشاركت في هذا الكتاب الجماعي أسماء أكاديمية وفاعلة بارزة، هي: سعيد بنسعيد العلوي، محمد بلبشير، نجاة المريني، خالد القادري، مبارك ربيع، معروف الدفالي، أسامة الزكاري، إسماعيل العلوي، فتح الله ولعلو، أحمد الصياد، ومحمد سعد العلمي.
هذا العمل الصادر عن أكاديمية المملكة المغربية يضم أعمال ندوتها التكريمية لعضوها الراحل أبي بكر القادري، الذي كان أحد أعلام المغرب زمن الاستعمار وبعد الاستقلال في العمل الوطني والتربوي والسياسة والكتابة.
وفي مستهل الكتاب ذكر عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، أن الاحتفاء يهتم بـ”رمز مشعّ من رموز وطنيتنا وفكرنا، الأستاذ أبو بكر القادري”، مردفا: “الاحتفاء بأعمال المجاهد الأكبر أبي بكر القادري لا يُختزل فقط في منظومة قيم الاعتراف والتقدير لرواد الوطنية والثقافة المغربية، وإنما أيضا باعتباره قدوة منيرة في ذاكرتنا الوطنية للاقتداء لآثارها المربية على قيم المواطنة وإنارة طريق المستقبل المضيء لأجيالنا”.
وأضاف لحجمري: “بقراءتنا الأنساق الفكرية والمجتمعية التي عايشها أبو بكر القادري نجد أنها أنتجت عقليات جمعت ما تفرق عند الآخرين، بين الوعي الوطني التحرري والهوياتي الغدوي والوعي التربوي والمجتمعي والوعي الإصلاحي العروبي والحضاري، ومن ثَمّ التقى في هذه الرؤية (الشاملة) لنهوضنا الوطني مع رواد الحركة السلفية المغربية، كأبي شعيب الدكالي، ومحمد العربي العلوي، وعلال الفاسي، وعبد الله كنون، والمكي الناصري، واهبا حياته كلها لتحرير وطنه من الاستعمار، ومجتمعه من مخاطر الضلالات، ودينه من سجون التأويلات المنحرفة، وفلسطين من الاحتلال والمؤامرات الصهيونية”.
القادري كان يتحرّك، وفق أمين سر أكاديمية المملكة، “بثلاث عقليات في رجل واحد، عقلية المناضل الوطني، وعقلية المفكر الإصلاحي، وعقلية صاحب المشروع التربوي والمجتمعي”، غذّت مسار رائد “من رواد المقاومة المغربية، والحركات التحررية العربية والفكرية الإصلاحية، ماضيا على نهج الرسالة الإصلاحية والنهضوية التي مثّلها في المشرق كل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، المرتكزة على قيم التحرر والمواطنة والعقيدة الإسلامية، وقيم التربية المحصنة للذات الثقافية والهوية الحضارية من الاستيلاب”.
ثم استرسل لحجمري قائلا عن أبي بكر القادري إنه “سكن الوطن بمقومات استقلاله، ومكونات وروافد هويته مركز انشغالاته ونضاله، فلم يبق مفهوم الانتماء الوطني عنده منحصرا في البطاقة والجواز والعيش في الوطن، بل أصبحت الوطنية منظومة من قيم الانتماء الوجداني والعملي، وبذلك لم يكن مجرد شاهد ومنفعل بحرارة اضطهاد المحتل للمقاومة، بل كان منخرطا في مقاومته، فعانى آلام السجون والمتابعة، مؤمنا بالجهاد الأكبر الذي يحرر الوطن وأبناءه من التبعية والخرافات والتفرقة، ومهددات جهاز المناعة والهوية، فكان بها من المؤسسين لكتلة العمل الوطني وللحزب الوطني ولحزب الاستقلال، ومن الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، مجاهرا في انتمائه السياسي بالدعوة إلى استئصال أورام الاستعمار المتمثلة في الخيانة، والتغريب، والتفرقة”.
وبعد استشهاده بنصوص من كتب أبي بكر القادري تدلّ على كونه “مفكرا مجددا مسكونا بانفتاح هويتنا وثقافتنا على عصرنا، وتحرير مجتمعاتنا من آفات المعتقدات المضللة”، أورد أمين سر الأكاديمية التي تعدّ أرفع مؤسسة ثقافية رسمية بالمغرب: “إذا كانت الهوية الوطنية بروافدها ومكوناتها تحتل قمة أولوياته الوطنية والفكرية في مختلف مواقع فكره وعمله فإن حماية الهوية الحضارية الدينية للقدس الشريف، وخدمة القضية الفلسطينية، قد احتلتا موقعا متميزا في جغرافية المقاومة القادرية، مؤكدا بذلك أن الأمة العربية والإسلامية كيان متناغم إذا أصيب فيها عضو تداعت (له) باقي الأعضاء”.
The post كتاب يقتفي عطاء القادري في استئصال “أورام الاستعمار” وإصلاح الفكر الوطني appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.