اعتبر باحثون في الشأن القانوني بالمغرب أن مبدأ “الأجر مقابل العمل” صار يقترب من “تجميد عملي” مع بداية المناقشة العامة لمشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حقّ الإضراب، مشددين على أن “تنصيص هذا التشريع المتعلّق بهذا الحق الكوني سيشمل مقتضيات تؤطر العملية وتجعلها وسيلة مشروعة للضّغط وتحقيق المطالب، لكن في حدود معقولة لا تمس حقوق المواطنين في الارتفاق”.
ولأن أحد الباحثين سبق أن أورد أن “الأجر مقابل العمل قاعدة تتعلق بعلاقات ترد في قانون الشغل وفي إطار تعاقدي مؤسس على علاقة تبادلية بين طرفي عقد الشغل، أي المشغل والأجير، ولا يمكن تطبيقها في إطار علاقة نظامية ينظمها قانون الوظيفة العمومية”، فإن المختصين في القانون الذين تحدثوا لهسبريس اعتبروا أن “القانون سينهي هذا الخلط وهذا التحايل على القوانين من طرف جميع المؤسسات العمومية والخاصة”، بتعبيرهم.
انتهاء التأويلات
رشيد لبكر، أستاذ القانون بكلية الحقوق بالجديدة، قال إن “تقديم مشروع القانون التنظيمي من طرف يونس السكوري سيكون بمثابة نقطة نهاية بالنسبة لجميع التأويلات التي ارتبطت بهذا الموضوع”، موضحا أن “الأساسي الآن هو التوافق بشأنه بين جميع الأطراف حتى لا يكون الإضراب مصادراً وحتى لا يصبح أداة لتعطيل المرافق العموميّة أو المقاولات الخاصة، بمعنى أن القانون يجب أن يراعي هذا التوازن”.
وأورد لبكر، في تصريحه لهسبريس، أن “طرح القانون للتداول داخل المؤسسة التشريعية خطوة مهمة من أجل بناء الصرح المؤسساتي؛ رغم أن هذا التشريع كان يتعيّن أن يكون مصادقاً عليه منذ سنوات حتى لا تظل مسألة الإضراب تثير كلّ هذا اللغط”، مسجلا أن “النص لابد أن يكون في خدمة حقوق الطبقة العاملة، في الحدود المعقولة، وأن ينهي جميع الإجراءات التي كانت ترتبط بما بعد الإضراب، أي الاقتطاعات”.
وتفاعلاً مع سؤال بخصوص وقف هذا القانون لجوء الدولة إلى “مبدأ الأجر مقابل العمل” شدد المتحدث عينه على أن “النص التنظيمي حين ينص صراحة على شروط اللجوء إلى الإضراب فلن يكون هناك هامش لاعتباره تغيباً غير مشروع عن العمل”، مبرزاً أنه “عندما يكون الإضراب مشروعاً فهذا لن يمنع الطبقة المحتجة من حقها في القيام به دون أيّ مساس بأجرها”.
واستبعد المتحدث عينه أن “يظلّ مبدأ الأجر مقابل العمل مطيّة للالتفاف على الحق في الإضراب، لكون التطبيق السابق لهذا المبدأ كاد يفقد الإضراب قيمته، وإذا استمر فهذا سيفرغ القانون من محتواه”، خالصاً إلى “ضرورة أن يجد القانون مخرجا بناء على التوافق بين جميع الأطراف، من سلطات عمومية وأرباب المقاولات والتنظيمات الاجتماعية الممثلة للموظفين في القطاع العام والأجراء في القطاع الخاص”.
مقتضيات واضحة
عبد العزيز خليل، باحث في العلوم القانونية، قال إن الوثيقة الدستورية تنصّ صراحة على حماية الحق في الإضراب في الفصل 29 منها، إذ شدد على أن “حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”، معتبرا أن “هذا القانون، الذي تنتظره ترسانة التشريعات الوطنية لينضاف إليها في غضون الأشهر المقبلة، يأتي لوقف كل التأويلات ويحافظ على الدستور روحاً ونصًّا، لكون الفصل 29 ظل يثير جدلاً بسبب تأخر النص التنظيمي”.
وبخصوص الأجر مقابل العمل أورد خليل، ضمن إفاداته لهسبريس، أن “الحكومة يجب أن تعتمد على المشروع الحالي من أجل تنظيم هذه المسألة بشكل صريح، ليكون هو المرجع الأساسي في التعاطي مع كل عملية إضراب”؛ مبرزا أن “مقتضيات القانون يجب أن تتضمن بنودا تؤطر مجمل حيثيات هذه الإشكالية، لاسيما في النقاط التي كانت تثير جدلا كبيرا داخل أوساط الأكاديميين والباحثين في الشأن القانوني والحقوقي”.
وأردف المتحدث سالف الذكر بأن “الفصل 29 من الدستور لن يظل موقوف التنفيذ، بل سيجد المضربون نصا يؤطر تحركهم”، مشددا على أن “التشريع التنظيمي الذي سيرى النور بعد مروره بكافة مراحل التشريع لن يترك مجالا للحديث بأي شكل من الأشكال عن تأويلات، إذ إنه من الواجب على المؤسسات التشريعية إيجاد حل لهذه المسألة، يراعي التوازن المفروض أساسا بين الحق في الإضراب وبين المبدأ الدستوري القاضي باستمرارية المرفق العام”.
The post قانونيون يرحبون بتجميد مبدأ “الأجر مقابل العمل” من الإضرابات في المغرب appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.