على بعد أسابيع من بداية الموسم الفلاحي الجديد، وفي إطار تحضيرات وزارة الفلاحة وتدارسها مختلف التدابير لإنجاحه، جالس الوزير الوصي محمد صديقي، قبل أيام، ممثلي مهنيي القطاع الفلاحي، بمن فيهم رئيس جامعة الغرف الفلاحية ورئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة (كومادير)، إلى جانب رؤساء التنظيمات البيمهنية ورؤساء الغرف الجهوية للفلاحة.
وبحسب ما جاء في بلاغ للوزارة فإنه “بخصوص الموسم الفلاحي المقبل ستتم مواصلة دعم الحبوب المعتمدة بحوالي 40 في المائة، من أجل جعل الأسعار عند مستويات مناسبة للفلاحين، إذ ستتم تعبة حوالي 1,26 مليون قنطار من بذور الحبوب المعتمدة، فضلا عن دعم بذور وشتائل الطماطم والبصل والبطاطس”.
وحسب المصدر ذاته سيتم كذلك “تزويد السوق الوطنية بحوالي 650 ألف طن من الأسمدة الفوسفاطية بالأثمان السابقة نفسها، على أن يتم توفير 5 ملايين قنطار من الأسمدة الآزوتية، ستخضع لدعم سيتراوح ما بين 40 و45 في المائة، مع دعم الشعير والأعلاف المركبة حسب الظروف المناخية وحالة المراعي وإنتاج الأعلاف”.
تعهدات الوزارة تأتي بعدما كان الموسم الفلاحي الحالي إلى حدٍ ما سلبيا بخصوص زراعة الحبوب التي تراجعت عما كان عليه الحال الموسم الماضي، وفي ظل تأثر بعض الزراعات بتطرف المناخ وانحباس المطر.
ويثمن مهنيو الفلاحة بمختلف تشكيلاتها أي دعم يرتقب أن يستهدفهم، غير أنهم يؤكدون “ضرورة الرفع من قيمته ليتناسب مع حجم الإكراهات التي يعرفها القطاع، وأهميته جعله شاملا يجمع ما بين الآليات الفلاحية والبذور والأسمدة وتقنيات السقي”.
كما ينبه المهنيون وزارة الفلاحة إلى كون القطاع الفلاحي “بدأ يعرف تراجعا في عدد المنتسبين إليه، بعدما أرغم الجفاف عددا منهم على الاستثمار في قطاعات أخرى، في حين أن آخرين يبحثون في الوقت الراهن عن بدائل أخرى قبل اتخاذ أي خطوة”، محذرين من “آثار هذه المنظومة من المتغيرات على مستقبل الفلاحة بالمملكة”.
يوسف الزعيم، فلاح عضو في “جمعية الفلاحين الصغار” بجهة مراكش آسفي، قال إن “دعم وزارة الفلاحة يظل مهما لأن الفلاح يصعب عليه لوحده مواجهة كل التحديات التي باتت تواجه نشاطه، خصوصا إذا استحضرنا الإكراهات التي باتت تطرف المناخ يفرضها، بما يؤثر سلبا على الإنتاجية”.
وأضاف الزعيم مُصرّحًا لهسبريس: “رغم ذلك نحن بحاجة إلى الرفع من منسوب الدعم الذي تستهدفنا به الوزارة، مادمنا نتحدث عن مواسم فلاحية باتت متطرفة ولم تعد تعطينا إنتاجية وفيرة خلال السنوات الست الأخيرة؛ وذلك سيكون فعالا في إطار دعم استمرارية الفلاحين وتمسكهم بأنشطتهم الزراعية، في وقت صرنا نتحدث عن تراجع في الانتساب إلى المجال الفلاحي في الآونة الأخيرة، وتحول المهنيين إلى قطاعات أخرى”.
وعاد المتحدث ذاته ليشير إلى أن “الدعم يجب أن يتقوى في الجانب الخاص بالبذور والأدوية الكيماوية والمكننة والسقي كذلك، إضافة إلى السماد، حتى نصير أمام دعم متكامل يمكنه أن يحمي الفلاح، وخصوصا الصغير، من تطرف المناخ”، وزاد: “نتمنى أن يكون الموسم ماطرا بما يجعلنا خارج كل الحسابات المعقدة ويوفر مردودية هامة، خصوصا في زراعة الزيتون؛ لعل ذلك يعوض خسائر السنوات الماضية”، منوها بمواكبة الغرف الفلاحية للفلاحين للصغار، وداعيا إياها إلى الاستمرار في المستوى نفسه.
من جهته قال محمد الإبراهيمي، مزارع بجهة الدار البيضاء سطات نشيط في مجال زراعة الحبوب، إن “الفلاحة بالمغرب صارت صعبة إن لم تكن مصحوبة بدعم حكومي شامل ومتواصل من أجل مواجهة تأثير التداعيات المناخية على مختلف الأنشطة الزراعية، بما فيها زراعة الحبوب التي تعد العمود الفقري للنشاط الفلاحي بالمملكة”، مردفا: “إذا لم يكن الدعم كافيا فإننا سنلجأ على سبيل المثال إلى زراعة هكتار ونصف الهكتار عوض هكتاريْن”.
وهو يتحدث لهسبريس، مستحضرا تجربته المهنية خلال السنوات الأخيرة، أفاد المصرح ذاته بأن “مختلف المواد الأولية التي تخل في إطار عملية الإنتاج مستها زيادات مختلفة، ما جعلنا نقلص من نشاطاتنا وتتقلص معه مردودية القطاع ككل، في وقت نطلب أن يكون الدعم موازيا لحجم تداعيات المناخ التي باتت تخيف وتضع الأمن الغذائي للبلاد على كف عفريت”.
وتابع المتحدث ذاته: “إكراهات كثيرة تحيط باشتغالنا كفلاحين، بما فيها انحباس المطر وارتفاع أسعار المواد الأولية، إذ بتنا اليوم نتحدث عن وصول البنزين إلى حاجز 13 درهما، وبالتالي نستحق دعما مهنيا استثنائيا في هذا الصدد إذا ما أراد المغاربة أن يجدوا بجانبهم فلاحين يوفرون لهم ما يحتاجون، فنحن نتدارس اليوم مغادرة القطاع بشكل نهائي، غير أننا لم نجد بديلا”، وختم بالقول: “نعول على جود السماء أكثر من أي طرف”.
The post فلاحون: لا مردودية بدون دعم كافٍ .. وتداعيات الجفاف تبعد المستثمرين appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.