صوّت البرلمان البولندي قبل أسبوع على مشروع قانون تقدمت به الحكومة يسمح لحرس الحدود باستخدام الرصاص الحي في الحالات الخطرة، وهو ما يلقي الضوء على “مصير المهاجرين السريين، خاصة المغاربة، الذين مازالوا يستخدمون طريق بيلاروسيا للوصول إلى أوروبا”.
ونشرت منصة “info migrants” تقريرا شرحت فيه مراحل المصادقة البرلمانية ببولندا على مشروع القانون هذا، قائلة: “يهدف إلى تحسين أنشطة القوات المسلحة البولندية، إلى جانب الشرطة، وحرس الحدود، في حالة وجود تهديد لأمن الدولة”.
وتأتي المصادقة على مشروع القانون سالف الذكر في ظل استمرار توافد المهاجرين غير الشرعيين نحو بولندا، مرورا ببيلاروسيا، فيما يعيش البلدان معا توترا كبيرا في الآونة الأخيرة، دفعهما إلى تشديد الحراسة عبر الحدود.
وتشير إحصائيات حديثة للحكومة البولندية، نشرتها عبر موقعها الرسمي “Portalsamorzadowy”، إلى استمرار توافد المهاجرين غير الشرعيين نحو أراضيها في شهري ماي وأبريل الماضيين، مؤكدة أن “هذا العام يمكن أن يكون الأسوأ من حيث تدفق المهاجرين”.
وبالنسبة لأعداد المغاربة الذين يتخذون طريق بيلاروسيا كانت سنة 2021، التي عرفت اندلاع التوتر عبر الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، فرصة للمهاجرين ليستغلوا هذا المسار. وصرّح مغربي لـ”info migrants” وقتها بأن هذه الطريق أعادت له الأمل.
وفي مواقع التواصل الاجتماعي مازال نشطاء مغاربة يبحثون عن طريق بيلاروسيا للوصول نحو بولندا، مرورا من تركيا.
وقال عبد الرفيع التليدي، أستاذ متخصص في مجال السوسيولوجيا والهجرة والوساطة بجامعة ليريدا بكطالونيا، إن “دخول الرصاص الحي حيز التنفيذ لدى حرس حدود بولندا قد يقلّل من أعداد المهاجرين المغاربة، لكنه لن يوقفهم”.
وأضاف التليدي لهسبريس أن استعمال الرصاص الحي ضد المهاجرين في بولندا “أمر لا إنساني”، مستدركا بأن “هذا الأمر يفضّل أن يستخدم كتهديد غير مباشر يجعل المهاجرين يخافون من المخاطرة بحياتهم في هذه المنطقة الخطرة”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن استعمال الرصاص الحي لن يوقف المهاجرين المغاربة، أو حتى من جنسيات أخرى، من العبور من هذه المنطقة، مؤكدا أن “استمرار الظروف في المنبع كما هي لن يوقف الهجرة مهما حدث”.
ورفضت منظمة العفو الدولية من خلال مكتبها الإقليمي بأوروبا هذه التعديلات القانونية التي أقرتها بولندا مؤخرا، وقالت: “هذه القوانين ستجعل الجنود وحراس الحدود بدون مساءلة قانونية وهم يطلقون النار”.
والعام الماضي حضر المغرب رفقة دول عربية وعواصم أخرى اجتماعا مع وزارة خارجية بولندا لتباحث أزمة الهجرة.
وأكدت السلطات البولندية أنها “ملتزمة بتوفير معاملة إنسانية كريمة للأشخاص الذين يعبرون الحدود بين بولندا والاتحاد الأوروبي بطريقة غير قانونية”.
واعتبر عبد الحميد جمور، باحث متخصص في الهجرة والتنمية جنوب-جنوب، أن “ترخيص لاستخدام الرصاص الحي هو سابقة خطيرة ومنعرج دقيق يمس بالحق في الحياة الذي يكفله القانون والاتفاقيات الدولية”.
وأضاف جمور لهسبريس أن “شرعنة استخدام الرصاص في مواجهة المهاجرين يفتح كذلك باب إساءة الاستخدام المحتمل، ويرفع من هامش التقدير بالخطر، مهددا حياة المهاجرين بغض النظر عن طبيعة دخولهم للتراب البولندي”.
واضاف المصرح لهسبريس أن “الحالات التي يمكن فيها استخدام الأسلحة تتوقف على تهديد مباشر بالموت؛ ما يجعلنا أمام عدم شرعية سن قانون يسمح باستخدام الرصاص الحي، إذ إن المهاجر لا يمكن اعتباره مهددا للحياة، ومشكلا للخطر، خاصة أن بولندا دولة عبور لا وصول، وبالتالي فمحاولة السلطات البولندية تقويض هذه المبادئ ستكون غير قانونية”.
وعلى صعيد آخر أكد المختص في مجال الهجرة أنه “لا يمكن الجزم بأن سن قانون يسمح باستخدام الأسلحة قد يؤثر على المهاجرين المغاربة في سلك هذا المسار، على اعتبار أن مثل هذه الأفعال المهددة للحياة وأفعال أخرى حاطة بالكرامة تنتهجها دول مثل بلغاريا دون تراجع أعداد الحالمين بالوصول إلى أوروبا من المغاربة”.
وخلص المتحدث عينه إلى أن “المهاجر بغض النظر عن انتمائه الجغرافي يبقى ضحية شبكات الهجرة التي تقرر المسار الهجري، وبالتالي فإن المعالجة الحقيقية لا يجب أن توجه إليه، لكونه ضحية شبكات إجرامية، وضحية قانون يسمح باستخدام الرصاص الحي”.
The post طلقات الرصاص الحي تهدد مهاجرين سريين مغاربة على الحدود البولندية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.