من الطبيعي أن يتصبّب المرء عرقًا حين يقوم بمجهود عضلي أو يمارس نشاطا رياضيا مُتقدّما، ويُعتبر الأمر عاديا ومقبولا حين يتعرّق الإنسان في فترة الصيف بسبب التواجد في مناطق ساخنة أو أماكن مغلقة، غير أن فئة من الناس تتجاوز الحدود العادية وتصاب بتعرّق شديد ولو في غياب الظروف المناخية والعضلية المذكورة.
في هذا الإطار، قالت الرابطة الألمانية لأطباء الأمراض الجلدية إن “التعرّق يكون مَرضيا في حال حدوثه بشكل يزيد عن حاجة ما يلزم لتنظيم درجة حرارة الجسم”، مما يدفع المهتمين بهذا الموضوع إلى التساؤل حول الحدود الفاصلة بين التعرّق العادي والتعرّق الشديد، أو ما يُعرف لدى الأخصائيين بـ”فَرْطِ التعرّق”.
ومع اعتبار “فرط التعرّق” مرضًا يصيب فئة من الناس ويزداد حدّةً خلال فصل الصيف، تطفو على السطح نقاشات حول مواصفات وأعراض فرْط التعرّق، وأسباب وملابسات الإصابة به، والمخاطر التي تهدّد صحة وسلامة المصابين به، مع التركيز على التدابير الوقائية والإجراءات العلاجية لمواجهة هذا التعرّق غير الطبيعي.
التعرّق أمر صحي ولكن…
ليلى بلهادي بنسامي، أخصائية في أمراض الغدد والسكري والتغذية، قالت إن “التعرق أمر صحي للجسم، لأن بدن الإنسان العادي يفرز في المتوسط حوالي نصف لتر من العرق يوميا، مما يساهم بشكل كبير في تبريد الجسم، خاصة خلال فصل الصيف والفترات التي تشهد ارتفاع درجة الحرارة”.
وأضافت الأخصائية ذاتها، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التعرق حين يصبح شديدا تظهر مجموعة من المشاكل، انطلاقا من الإحراج الاجتماعي في المعاملات اليومية، حيث يجد المعني بالأمر صعوبة في القيام بعدد من الأعمال اليدوية كالكتابة والسياقة واستعمال الهاتف والحاسوب وأي آلات وأدوات”.
وأكدت بنسامي ضرورة التفريق بين “التعرق الموضعي الذي يظهر بمناطق محددة من الجسم، كاليدين والرجلين والصدر والظهر والجبهة وتحت الإبطين…، والتعرق العام حين يتعرّق الجسم بالكامل”، موضحة أن “التعرق الموضعي يبدأ عادة في الطفولة، ويزداد حدة مع المراهقة، ويتراجع بعد سن الأربعين، أما التعرق العام فلا يرتبط بعمر معين”.
مخاطر صحية ومشاكل اجتماعية
عن المخاطر التي تهدد صحة المصابين بفرط التعرّق، قالت الأخصائية في أمراض الغدد إن “مضاعفات التعرق الشديد متنوعة، من بينها المشاكل الجلدية المتمثلة في الحكّة وظهور الفطريات وبروز الثآليل، وإمكانية إصابة الأطفال والمسنّين باجتفاف الجسم، خاصة إذا لم يتم تعويض العرق بشرب الماء، إضافة إلى مشاكل نفسية مرتبطة بتجنب مخالطة الناس”.
ونبّهت الأخصائية في أمراض الغدد إلى أن “العرق عادة لا رائحة له، لكن قلة النظافة ووجود بكتيريا في الجسم يؤديان إلى ظهور روائح محرجة لصاحبها بسبب التعرّق، مما يؤثر بشكل واضح وسلبي على علاقاته الاجتماعية والمهنية، وقد يجرّ الأطفال المعنيين بهذا المشكل إلى الهدر المدرسي نتيجة فقدان الرغبة في الذهاب إلى المدرسة تفاديا للإحراج”.
ونصحت ليلى بلهادي بنسامي بـ”التخلص أولا من المشاكل المرضية التي تؤدي إلى التعرقّ الشديد، بدءًا بفحص الغدة الدرقية، خاصة في حالة التعرق العام، والتأكد من عدم الإصابة بمشاكل على مستوى الجهاز العصبي أو مرض السل، والنظر في مدى ارتباط ذلك التعرق ببلوغ سن اليأس”.
نصائح وقائية وإرشادات علاجية
وقالت الأخصائية نفسها إن “التعرق العام قد يظهر في مدة محدودة ويختفي، لكن من الضروري الانتباه لمدى إصابة الشخص بهبوط الضغط الدموي أو الذبحة الصدرية أو انخفاض نسبة السكر في الدم”، منبّهة إلى أن “أغلب مشاكل التعرق لا ترتبط بأسباب معينة، إذ إن الجسم يحتوي على مجموعة من الخلايا، وقد تتهيّج فتفرز العرق دون أسباب معينة”.
وأفادت الطبيبة بأن “الأشخاص الذين يعانون من التعرق نتيجة الإصابة بأمراض ما، من الضروري معالجتهم من تلك الأمراض، أما البقية فتخضع لبعض الفحوصات الطبية لتحديد بعض الأدوية المضادة للتعرق”، مضيفة أن “بعض الحالات تعالج بحُقن البوتوكس التي تستعمل لأغراض علاجية، خاصة في اليدين والرجلين، كما يمكن العلاج بالأيونات، وفي حالات خاصة جدا يمكن اللجوء إلى الجراحة”.
وختمت ليلى بلهادي بنسامي نصائحها بالإشارة إلى أن “خطورة العرق تكمن في اجتفاف الجسم من الماء، خصوصا لدى الأطفال والمسنين، ومن الضروري الإكثار من شرب الماء، والابتعاد عن المناطق الساخنة، وتجنب الخروج نهارا، وعدم القيام بمجهود كبير، خاصة في الفترات الساخنة”.
The post طبيبة أخصائية في أمراض الغدد ترصد حدود ومخاطر الإصابة بـ”فرط التعرّق” appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.