تخوض بعض الأطر التربوية “فعلا نضاليا” يبدو مستميتا من أجل “الضغط” على عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة مكناس، التابعة لجامعة مولاي إسماعيل، لفتح شعبة لتدريس الأمازيغية “تخفف الضغط” على مدينة فاس وتضمن “حق ساكنة مناطق أخرى للدراسة بمكناس، التي تغطي جامعتها ثلاث جهات تتضمن ساكنة ناطقة بالأمازيغية: جهة فاس مكناس، وجهة درعة تافيلالت، وجهة بني ملال خنيفرة.
“مبررات واهية”
محند الركيك، أستاذ اللسانيات المقارنة والترجمة ورئيس سابق لشعبة اللغة الأمازيغية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس- فاس، قال إن “هناك تراكمات منذ خطاب أجدير التاريخي للملك محمد السادس، وآخرها إقرار ‘إيض يناير’ عطلة وطنية مؤدى عنها؛ غير أن عميد كلية الآداب بمكناس ما زال يتجاهل كل هذا الزخم الذي عرفته ‘تمازيغت’ تحت الرعاية الملكية، ويرفض تمكين طلبة الجهة من هذه الشعبة”.
وأضاف محند، الذي يعد من المتحمسين لأجل خلق الشعبة بمكناس، أن “المبررات التي تقدمها العمادة واهية، وهي غياب الموارد البشرية؛ وهذا حق يراد به باطل، والدليل على ذلك هو أن فاس ووجدة شرعا في العمل بأستاذ واحد بينما الناظور انطلقت بصفر منصب، والدار البيضاء أيضا؛ وهم ينطلقون من خلال السعي إلى خلق مناصب”، مبرزا أن “شعبة الأمازيغية في فاس احتضنت أيضا ناطقين باللغة العربية، بمعنى هو ليس نضالا من أجل الأمازيغ هو نضال من أجل اللغة والحق في دراستها وتكريس ترسيمها باعتبارها لغة دستورية”.
وأورد المصرح لهسبريس أنه “منذ 2014 قدم الأستاذ سعيد حنين مشروع الدراسات الأمازيغية، وافق عليه عبد العزيز العمري، رئيس شعبة اللغة العربية؛ لكنه وجد عرقلة من طرف الإدارة”، مسجلا أن “الوضع فاقم معاناة الطلبة من آيت حديدو الذين يعيشون تحت الفقر، خصوصا من إملشيل حين لا يحصلون أحيانا على إقامة في الحي الجامعي بفاس، فـ70 أو 60 في المائة من الطلبة القادمين لدراسة الأمازيغية بكلية فاس سايس هم من الروافد التابعة لمكناس، وهذا يثبت أن الأمازيغية لم تستفد من العدالة المجالية على مستوى الجامعة”.
“هوى إيديولوجي”
لحسن أمقران، باحث وفاعل أمازيغي وإطار تربوي، قال إن “مطلب فتح شعبة الدراسات الأمازيغية في مكناس حق مشروع يجب ألا يخضع للهوى الايديولوجي أو الاختيارات الشخصية”، معتبرا أن “هذا المطلب أسقط ورقة التوت عن كل الشعارات الرنانة والقوية التي ترددها حكومة الثالوث المعلوم ووزارتها في التعليم العالي”، وزاد: “لقد أصابها الوهن المركب الذي تريد حجبه بكثرة الخرجات والاجتماعات واللقاءات لتنفيذ “الأوراش الإصلاحية الكبرى”.
وتابع أمقران تصريحه لهسبريس قائلا: “هناك عجز عن فتح مسلك أكاديمي تتوفر كل الشروط الموضوعية لفتحه”، معتبرا أن “هذا يزيد كشف الوزير ميراوي ورجاله، خصوصا في شخص عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ورئيس جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، بعد هذا التعنت غير المبرر أمام تمكين اللغة الأمازيغية وهي اللغة الرسمية للبلاد بمنطوق دستور تعاقد عليه المغاربة في مؤسسة جامعية تتموقع في موقع استراتيجي بين المناطق الأمازيغوفونية حيث الأطلس المتوسط وزمور والجنوب الشرقي”.
المؤلم في الأمر، بالنسبة للمتحدث، هو “أننا أمام مسؤولين يعاكسون الإرادة الملكية السامية ويتنكرون لواجبهم الدستوري كما تم التنصيص عليه في أسمى قانون للبلاد وفصل في القانون التنظيمي 26.16، ولالتزاماتهم الحكومية بإنصاف الأمازيغية وتدارك التعثرات السابقة، ولا يتوانون في رفع شعارات تسويقية دون وقع حقيقي في الساحة”.
“جيوب مقاومة”
مصطفى أوموش، حقوقي ومفتش في اللغة الأمازيغية، قال إن هذا “التعسف في تعزيز خيارات التكوين بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس غير مبرر وغير مفهوم في ظل وجود مكتسبات كثيرة؛ بما فيها دسترة الأمازيغية”، معتبرا أن “تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يتم بشكل أساسي أيضا عن طريق التعليم العالي، الذي يعزز حضور هذه اللغة في المشهد الثقافي والأكاديمي على السواء”.
وأورد أوموش، ضمن تصريحات لهسبريس، أن “المسؤولين على مستوى جامعة مكناس يتنصلون من مسؤولياتهم في هذا الورش، الذي انخرط فيه الجميع، لاسيما أن الجهة التي تنتمي إليها الجامعة تعد خزانا ضخما للغة الأمازيغية التي تنتشر على مستوى هذه المناطق في معظمها”، مشددا على “دور الجامعة في خلق أطر لإنجاح تعميم تدريس الأمازيغية على المستوى الوطني في حدود 2030 وفق استراتيجية وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وأيضا أطر الترجمة وغيرها”.
وتابع المتحدث شارحا: “تعاهدنا كفاعلين في حقل ‘تمازيغت’ أن نتمسك بهذا الموضوع بلا رجعة وبلا أي استسلام حتى نهزم جيوب المقاومة الخفية، لتتعزز حقوق الطلبة في التكوين في الأمازيغية بجهتهم دون الحاجة إلى التنقل نحو جهات أخرى، لكون هذا الموضوع يمثل حيفا كبيرا وهضما واضحا للحقوق اللغوية والثقافية في وقت تعرف فيه الأمازيغية تأهيلا واضحا في مجالات عديدة”.
“اتهامات فارغة”
ربطت هسبريس الاتصال بمحمد لروز، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، فسجل أن “الأمر يستحسن أن يتم التعاطي معه في لقاء مباشر وليس في تصريح هاتفي”، لترد الجريدة باستفسار حول النقطة الأصل: مدى صحة ما دفع به التربويون والنشطاء، فقال محاولا “نسف” المداخلات الثلاث أعلاه بجملة واحدة: “هذه كلها مجرد اتهامات فارغة”.
وتابع المسؤول الجامعي قائلا إنها “تصريحات في مجملها مجانبة للصواب”، مضيفا: “أنا أمازيغي، أنحدر من كلميمة، هل يستقيم أن أحارب لغتي؟ لذلك، أنا أرفض اتهامات غير دقيقة من هذا النوع”، وفضّل الاكتفاء بهذا القول في الوقت الحالي.
The post شعبة الأمازيغية تثير جدلا بجامعة مكناس.. والعمادة ترفض “الاتهامات الفارغة” appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.