في كل دورة أولمبية، يتجدد النقاش حول أداء الرياضيين المغاربة وكيفية تمثيلهم لبلدهم في هذا المحفل الرياضي العالمي. وبينما يجب أن يكون الهدف من المشاركة الأولمبية هو التنافس الشريف والاحتفاء بالروح الرياضية، يجد الرياضيون المغاربة أنفسهم في كثير من الأحيان عرضة للسخرية والتنمر على وسائل التواصل الاجتماعي.
من غير العدل أن ننسى أن هؤلاء الرياضيين، رغم كل التحديات، يمثلون المغرب في محفل رياضي عالمي بإمكانياتهم الشخصية في المقام الأول. على عكس بعض الدول التي توفر لرياضييها الدعم المالي والمعنوي والبنية التحتية اللازمة للتحضير الجيد، يواجه الرياضيون المغاربة نقصا كبيرا في هذه الموارد. إن استعداداتهم تعتمد بشكل كبير على إمكانياتهم الشخصية، إذ يفتقرون في كثير من الأحيان إلى الدعم اللازم من قبل الدولة.
عند النظر إلى المخصصات التي تخصصها الدول الأخرى لرياضييها، نجد فروقا شاسعة تُبين مدى التحدي الذي يواجهه الرياضيون المغاربة. ففي الولايات المتحدة الأمريكي، يبلغ إجمالي ميزانية لجنتها الأولمبية حوالي 345 مليون دولار سنويا. وفي عام 2022، تم تخصيص 183 مليون دولار لبرامج دعم الرياضيين، بما في ذلك الرواتب والتدريبات والرعاية الصحية والنفسي. أما بريطانيا فقد استثمرت حكومتها حوالي 352 مليون جنيه إسترليني (حوالي 450 مليون دولار) في برنامجها الأولمبي لدورة الألعاب في طوكيو وباريس، شاملا تمويل الرياضات المختلفة ودعم الرياضيين من خلال “UK Sport” في الفترة بين 2016 و2020. ويغطي هذا الاستثمار تكاليف التدريب والبنية التحتية والبرامج الطبية والنفسية للرياضيين. في حين تنفق الصين حوالي 700 مليون دولار سنويا على برامجها الرياضية الأولمبية، مع تركيز كبير على توفير أفضل البنية التحتية والمدربين والمرافق الحديثة لدعم الرياضيين. وخصصت اليابان حوالي 1.5 مليارات دولار للتحضير لأولمبياد طوكيو 2020، شاملة تكاليف البنية التحتية والتدريب والدعم الطبي والنفسي للرياضيين.
في المقابل، نجد أن الميزانية المخصصة للرياضة في المغرب تتراوح حول 30 مليون دولار سنويا، تُوزع هذه الميزانية على جميع الرياضات والأنشطة الرياضية في البلاد، حسب تقرير قانون المالية 2023 بالمغرب.
للأسف، لا توفر الجهات الوصية بالشأن الرياضي المغربي الظروف المثلى لتحضير الرياضيين للمشاركة في التظاهرات الرياضية الكبرى مثل الأولمبياد. البنية التحتية الرياضية في المغرب تعاني من نقص كبير في التمويل والدعم؛ مما يضع الرياضيين أمام تحديات ضخمة. وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، فإن هؤلاء الأبطال يواصلون نضالهم وتحقيق إنجازات تستحق الاحترام.
من الضروري أن نفهم أن الرياضيين الذين يمثلون المغرب في الأولمبياد هم سفراء للرياضة الوطنية، ويجب أن يتم دعمهم وتشجيعهم بدلا من التنمر عليهم. النقد البناء يمكن أن يكون محفزا، أما السخرية والتنمر فلا يخدمان سوى تثبيط العزيمة.
من هذا المنبر، ندعو الجهات المسؤولة في المغرب إلى إعادة النظر في سياسات دعم الرياضيين وتوفير الإمكانيات اللازمة لهم لتحضير جيد للمنافسات الدولية. يجب أن يكون هناك استثمار حقيقي في الرياضة الوطنية؛ بدءا من البنية التحتية، وصولا إلى البرامج التدريبية والدعم النفسي والمعنوي للرياضيين
في الختام، نذكر بأن الرياضيين المغاربة الذين يصلون إلى الأولمبياد قد حققوا إنجازات كبيرة بجهودهم الذاتية، ويستحقون كل الاحترام والدعم من المجتمع. لنكن عونا لهم لا عبئا عليهم، ولنرفع راية الرياضة المغربية عاليا بروح رياضية تتسم بالدعم والتشجيع.
The post رفقا بأبطالنا appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.