بينما يسابق المغرب الزمن من أجل مأسسة الذكاء الاصطناعي وجعله وسيلة جديدة رهن إشارة مختلف الإدارات الوطنية، تحدثت دراسة أكاديمية حديثة الصدور عن الأهمية القصوى التي يكتسيها تمكين مجال الضرائب من هذه الوسائل الجديدة بما يخدم دراسة وتحليل سلوك دافعي الجبايات مستقبلا.
وقالت الدراسة الصادرة مؤخرا عن “مجلة القانون والأعمال الدولية”، التابعة لمختبر البحث في قانون الأعمال بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة الحسن الأول بسطات، إن “اعتماد الذكاء الافتراضي سيساهم في تبسيط الإجراءات الإدارية بالإدارة الضريبية المغربية وتحسين كفاءتها من خلال تحسين عمليات التدقيق ومعالجة الإقرارات الضريبية بفعالية وسرعة”.
كما لفتت إلى أن “هذا الإجراء إذا تم اعتماده سيساهم في الكشف عن التهرب الضريبي والغش، على اعتبار أن الذكاء الاصطناعي يساعد في كشف الأنشطة غير الملتزمة بأداء الضرائب، فضلا عن أهمية التحليل الضريبي المتقدم في الكشف عن الأنماط غير الطبيعية في التصرفات المالية بما يساعد في حماية الإيرادات الضريبية للدولة”.
من هذا المنطلق، بيّنت الوثيقة ذاتها أن “تطبيق هذه التكنولوجيا يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية التكنولوجية وتدريب الموظفين، بينما من المفروض على الإدارة الضريبية المغربية تقديم الدعم المالي والتقني لضمان نجاح المشروع على المدى الطويل”.
ولم تغفل الدراسة المُعنونة بـ”تطبيقات الذكاء الاصطناعي ودورها في تحليل سلوك دافعي الضرائب”، الإشارة إلى أن “مأسسة الذكاء الاصطناعي على مستوى الإدارة الضريبية بالمغرب تتطلب وضع تشريعات وإطار قانوني مناسب لضمان حقوق الملزمين وبياناتهم الشخصية، وهو ما بإمكانه أن يدفع المغرب إلى تحسين إدارته الضريبية بشكل كبير وتحسين الثقة في نظامه الضريبي”.
كما وقفت على “إمكانية الذكاء الاصطناعي المساعدة على تصنيف دافعي الضرائب إلى مجموعات بناء على سلوكهم المالي، وتحديد الأنماط المشتركة بينهم عبر اعتماد تجميع تقنيات يوفرها الذكاء الافتراضي، بما فيها تقنية التجميع (clustering)”، مقدمة مثالا عن استخدام مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) نماذج للتعلم الآلي للتنبؤ بمدى احتمالية تقديم دافع الضريبة لإقراراته في الوقت المحدد، بما ساعد في تحسين تجميع الإيرادات بنسبة 20 في المائة”.
الدراسة التي صاغها الأكاديمي يونس مليح أوردت أن مصلحة الضرائب في المملكة المتحدة (HMRC) تمكنت عبر استخدام تقنية التعلم الآلي من الكشف عن حالات تهرب ضريبي بقيمة 605 ملايين جنية إسترليني سنة 2020، إلى جانب مصلحة الضرائب الكندية (CRA) التي استخدمت الذكاء الافتراضي من أجل تطوير نظام مساعدة تكنولوجي ساعد في التعامل مع أكثر من مليون استفسار في عام 2021.
وعادت الدراسة الأكاديمية ذاتها إلى الإقرار بأن “الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى اكتشاف أنماط دقيقة في سلوك دافعي الضرائب، ويوفر لإدارة الجبايات كذلك إمكانية اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة، مما يزيد من فعالية السياسات الضريبية والإجراءات الرقابية عبر المساهمة في صياغة نظام ضريبي أكثر عدالة”.
وخلصت الدراسة سالفة الذكر إلى أن “طرح فكرة تطبيق الذكاء الاصطناعي في المعاملات الضريبية يستوجب جمع وتحليل البيانات الضخمة من دافعي الضرائب وضمانات صارمة لحماية الخصوصية وأمن البيانات، وتحسيسهم بأن بياناتهم يتم تحليلها بطرق آمنة ومسؤولة”.
The post دراسة: اعتماد الذكاء الاصطناعي في الإدارة الضريبية يدعم العدالة الجبائية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.