اختارت فرق أحزاب الأغلبية خلال جلسة عمومية بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، خصصت للدراسة والتصويت على مشروع قانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية، أن تصطفّ إلى جانب وزير العدل عبد اللطيف وهبي في “معركة” هذا التشريع، الذي اعتبرته هيئات كثيرة داخل جسم العدالة، بما فيها جمعيات هيئات المحامين، “مخالفا لمقتضيات الدستور وجاء ملقّحا بسموم قاتلة لحقوق الإنسان وحقوق الدفاع”.
ودافعت أحزاب الأغلبية عن المشروع باعتباره “ورشا حكوميا” يستكمل إصلاح منظومة العدالة، مؤكدة في مختلف مداخلاتها أنه “يتماشى مع المقتضيات الدستورية في الروح والنص”، حتى إن مداخلة فريق التجمع الوطني للأحرار استلهمت جملة جاءت في مقالة نشرت لعبد اللطيف وهبي على هسبريس: “سجلنا في العديد من المناسبات غلبة لغة الشعارات على لغة التحليل القانوني الرصين”.
خطوة تشريعية
الحسين بن الطيب، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، سجّل أن النقاش الذي رافق مشروع المسطرة المدنية يبدو “طبيعيا وصحيا، بالنظر إلى مكانتها في الترسانة القانونية وحتى لضبط بعض اختياراتها”، مستدركا بأنه مع ذلك تم في كثير من المناسبات تسجيل “غلبة لغة الشعارات على لغة التحليل القانوني الرصين؛ فالكثير من الآراء والمواقف كانت مجرد شعارات، بما يؤكد بالملموس وجود عدة أحكام مسبقة وجاهزة”.
وتابع بن الطيب، الذي كان يتحدث مباشرة بعد تقديم وزير العدل، بأن “جزءا من النقاش داخل لجنة العدل والتشريع أو داخل منصات أخرى تميز بمنطق الانتقاء وعزل منطوق المواد عن فلسفة النص، ومبررات التشريع”، مؤكدا في هذا السياق أن “مناقشة اليوم هي فرصة للتصويت لصالح النص، وفرصة لتذكير البعض بأن المشروع يقوم على فلسفة ضمان حماية حقوق المتقاضين”.
وأضاف المتحدث شارحا: “القراءة الموضوعية والشاملة لمشروع القانون الذي يتضمن 644 مادة تؤكد ما جاء به من مقتضيات هامة تستجيب بشكل كبير لتطلعات المجتمع في مجال العدالة وانتظاراته لإقرار قانون جديد قادر على مواكبة التحولات التي يشهدها المجتمع في إطار تنزيل مقتضيات الدستور وتفعيل الخطب والرسائل الملكية المتعلقة بالعدالة ومختلف الوثائق الوطنية ذات الصلة، وكذا ملاءمة التشريع الوطني من الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المملكة المغربية”.
وخلص النائب ذاته في كلمته إلى أن “مشروع القانون لا يخالف مقتضيات الدستور، ويتلاءم مع معايير حقوق الإنسان، وحريص على عدالة إجرائية مدنية تضمن المحاكمة العادلة”، مشددا على أن “هذا النص سيشكل خطوة تشريعية هامة سيكون لها الأثر الإيجابي على منظومة العدالة وعلى الفاعلين في المجال القضائي ببلادنا؛ تبقى فقط ضرورة توفير كل الضمانات والشروط الملائمة لحسن تنزيله”.
تأهيل قضائي
سعيد أتغلاست، عن فريق الأصالة والمعاصرة، قال إن هذا المشروع يعتبر، بالنسبة إلى فريقه، “أحد أهم النصوص التشريعية الناظمة للعمل القضائي في بلادنا، نظرا لارتباطه الوثيق بالحقوق المنصوص عليها في دستور المملكة، وعلى رأسها الحق في التقاضي”، مضيفا أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل دراسة المشروع عن مختلف الأوراش المفتوحة على مستوى قطاع العدل، سواء في التشريع أو تأهيل البنية التحتية القضائية أو رقمنة العمل القضائي ببلادنا”.
وأوضح المتحدث أن “هذه الأوراش تقدم حزمة من النصوص التشريعية ذات الصلة بالعمل القضائي، فضلا عن كونها تعالج جملة من الإشكاليات المرتبطة بالتقاضي والحاجة إلى تعزيز المحاكم بالأطر والموارد البشرية الكافية والمتخصصة، ومجموع الإشكاليات الأخرى التي أنتجتها الممارسة، من قبل الحاجة إلى معالجة إشكاليات التبليغ وارتباطها بالبت في الملفات، علما أن جزءا من معالجة هذه المشاكل يرتبط بقلة عدد القضاة”.
ولفت البرلماني سالف الذكر إلى أن “التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة لسنة 2022 يقر بوجود 3 قضاة لـ100 ألف نسمة بالمغرب، وهو رقم ضعيف جدا”، مشيرا إلى أن هذا “يتطلب رفع عدد القضاة، خصوصا أن مجموع القضايا المسجلة برسم سنة 2022 لامس سقف 4 ملايين ونصف المليون قضية، وهو رقم ضخم جدا، الأمر الذي ينتج عنه تراكم عدد كبير من الملفات وضياع مصالح المواطنات والمواطنين، فضلا عن البطء الحاصل في تنفيذ الأحكام القضائية”.
وأورد عضو الأصالة والمعاصرة الذي تولى حقيبة العدل أن مشروع القانون “عمل على تفعيل الدور الإيجابي للقاضي في تدبير سير الدعوى وتعزيز صلاحياته، تسهيلا لمهمة الفصل في الدعوى، ويتجلى ذلك على سبيل المثال في إلزام الأطراف بتصحيح المسطرة وتكليفهم بتدارك البيانات غير التامة التي وقع إغفالها في أجل مناسب تحدده المحكمة”، مضيفا أنه عمل أيضا على “تكريس النجاعة القضائية من خلال إعادة تنظيم حق التصدي أمام محكمة الاستئناف، بشكل يحقق الفعالية المرجوة”.
ورش حكومي
فاطمة بن عزة، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، شددت على أن مشروع القانون “يترجم البعد الدستوري”، خصوصا على مستوى “المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع وغيرها من الأحكام والتوجهات الدستورية روحا ومضمونا”، معتبرة أنه “يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها بلادنا ويستحضر خصوصية المجتمع المغربي وقيمه التي عرفتها البلاد، حتى تكون الأدوات القانونية في خدمة المواطن والحفاظ على حقوقه ومصالحه وحمايتها”.
وقالت المتحدثة ذاتها إن المشروع “يساير تطور التشريع الدولي الخاص في القضاء المدني”، ويأتي “في إطار استكمال ورش إصلاح منظومة العدالة كما أراده الملك، ليكون إصلاحا عميقا وجوهريا في صدارة الأوراش الإصلاحية الكبرى؛ إيمانا منه بأن العدل هو قوام دولة الحق والمؤسسات، وسيادة القانون وتحفيز الاستثمار والتنمية، بما يضمن الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة”.
ولفتت بن عزة إلى أن “التشريع يسعى إلى الرفع من جودة الأحكام والخدمات القضائية وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات وتنفيذ الأحكام”، مسجلة أنه يأتي كذلك “انسجاما مع مضامين البرنامج الحكومي الذي من خلاله التزمت الحكومة باستكمال ورش إصلاح منظومة العدالة على درب توطيد دولة القانون وضمان قضاء مستقل عادل وضامن لمناخ أعمال إيجابي وجذاب، خاصة في ما يتعلق بتعديل قانون المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية وتعديل القانون الجنائي”.
وتحدثت البرلمانية عن دور المشروع في “تحقيق الأمن القضائي”، الذي يعتبر “أحد الأهداف الرئيسية لإصلاح منظومة العدالة، بما يشكله من دعامة أساسية لتعزيز مناخ الأعمال، خاصة بالنسبة للقضاء التجاري الذي يشكل محددا بالغ الأثر على مستوى الاستثمار وعاملا أساسيا لتقييم المخاطر من طرف المستثمرين المغاربة والأجانب”، منبهة إلى “تعزيز مسطرة التحكيم والوساطة ودعم ومواكبة المساطر التقليدية”.
The post “ثلاثي الأغلبية البرلمانية” يدعم وهبي في مشروع قانون المسطرة المدنية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.