فتحت الخرجة الأخيرة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، حول السياسات العمومية المرتبطة بالتعمير والإسكان وإعداد التراب في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، بداية الأسبوع، باب الأمل أمام سكان المناطق القروية والجماعات الترابية التي تواجه المنع بشأن منح تراخيص البناء.
وقال أخنوش إن الحكومة “عاكفة منذ توليها المسؤولية على إصلاح القطاع الاستراتيجي للتعمير والإسكان ضمن منظومة الإصلاح الشامل للسياسات العمومية”، مؤكدا أن هذا الإصلاح أمْلَتْه سياقات وطنية ترتبط بـ”توفير كل الإمكانات اللازمة لمواكبة التحولات الديمغرافية التي تعيشها بلادنا في السنوات الأخيرة”.
ورأى كثير من المتابعين أن طرح موضوع التعمير والإسكان في الجلسة الشهرية، يمثل إشارة قوية إلى اهتمام الحكومة بالموضوع، وأن ترتيب أوراق عدد من مخططات إعادة التصميم والتهيئة واستئناف منح تراخيص البناء للسكان يمكن أن يشهد تطورات في الأشهر القليلة المقبلة.
في قراءته للموضوع، يرى شكيب الخياري، محلل خبير قانوني، أن قانون التعمير “لا يحصر الحصول على رخصة البناء في حالة وجود تصميم التهيئة، لكنه يفرض أن يحترم البناء هذا التصميم في حال وجوده”، مبرزا أن القانون ينص على أنه “لا يمكن الترخيص بالبناء في حالة عدم وجود تصميم تهيئة إلا إذا جاء محترما لتصميم التنطيق الذي هو من وثائق التعمير”.
وأضاف الخياري، ضمن تصريح لهسبريس، أنه في حالة غياب هذا التصميم، يجب أن “لا يتنافى مع مخطط توجيه التهيئة العمرانية الذي هو أول وثيقة تعمير يتم إعدادها وتنفيذها، إذ إنه في الحالة الأخيرة يمكن لرئيس الجماعة الترابية أن يؤجل لمدة سنتين وبتعليل البت في رخص البناء أو تسليمها إذا كان البناء يتلاءم مع هذا المخطط أو مع الغرض الذي يصلح له فعلا القطاع المعني عند عدم وجود مخطط لتوجيه التهيئة العمرانية”.
وأوضح الخبير ذاته أن رؤساء الجماعات “يتخوفون من إصدار رخص البناء في غياب تصميم التهيئة بالرغم من أن القانون يسمح به”، مؤكدا أن من مصلحة الدولة “إعداد تصاميم التهيئة؛ لأنها تخول للجماعات الترابية الحق في تحصيل الرسم عن الأراضي الحضرية غير المبنية، وعدم إعداد وتنفيذ هذه التصاميم يفوت عليها فرصة إثراء ميزانيتها”.
وأفاد الخياري بأن تصريح رئيس الحكومة يشي بـ”وجود دينامية من أجل تعميم وثائق التعمير، مما سيمكن الأفراد من الحصول على رخص البناء بعيدا عن الإشكالات العملية التي يطرحها غياب وثائق التعمير في ظل ضعف التكوين القانوني في هذا المجال لدى المسؤولين المنتخبين والموظفين المكلفين في إطار عمليات الترخيص بالبناء”، كما سيساهم ذلك في خلق “أرضية أساسية للاستثمار تتمثل في سهولة تدبير العقار الاستثماري”، حسب تعبيره.
وشدد الخبير القانوني على أن المسؤولية الأولى في غياب هذه الوثائق “ترجع إلى الحكومة، على اعتبار أنها هي من تعد مشاريعها قبل إقرارها بشكل نهائي، بعد مسار يتم خلاله إشراك الجماعات المحلية وكذا الساكنة في إبداء رأيها في حالة تصميم التهيئة وتصميم التنمية”، معتبرا أن تصريحات رئيس الحكومة تظهر أن الإكراهات التي حالت في السابق دون إنتاج هذه الوثائق، تم “التغلب عليها”.
من جهته، اعتبر عبد الحفيظ اليونسي، أكاديمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن اختصاص التعمير محدد بموجب “القانون التنظيمي كاختصاص ذاتي بالنسبة للجماعة، ويتداول فيه المجلس ويتخذ في ذلك مقررات”، لافتا إلى أن المادة 101 منه “واضحة في كون اختصاص منح رخص البناء والتجزئة هو لرئيس المجلس، ثم تأتي بعد ذلك قوانين التعمير الأخرى لتحدد اختصاص باقي المتدخلين”.
وبخصوص منع البناء في العالم القروي أو بعض المجالات الجغرافية الأخرى، أكد اليونسي، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “منع بموجب القانون أو نصوص تنظيمية، وهذا المنع يعطي في النهاية إما معاناة سكان هذه المناطق الجغرافية، مما يضطرهم للهجرة، أو تنامي البناء العشوائي المفتقد لشروط الحياة الكريمة”.
كما اعتبر اليونسي أن قرار رفع المنع سيكون “قرارا شجاعا إذا تم، لكن النص القانوني هو في الحقيقة صراع إرادات ومصالح”، مشددا على أن السماح بالبناء في المجال القروي “سيكون له نفع للساكنة ورفع لظلم مجالي عانى منه مواطنون مغاربة، لكن في الوقت نفسه فإن استقرار هذه الساكنة هو فقدان لزبون مهم للمنعشين العقاريين”.
وخلص اليونسي في قراءته إلى أن المصلحة الفضلى للبلد في النهاية تقتضي “التسريع بتمتيع هذه المناطق من وثائق التعمير لرفع هذا المنع الظالم من البناء في العالم القروي”، وفق تعبيره.
The post بعد جلسة المساءلة البرلمانية .. هل ينهي أخنوش الاختلالات في رخص البناء؟ appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.