بميناء طنجة المتوسط، أحد أكبر موانئ القارة الإفريقية ومحور الربط بين “المتوسط والأطلسي”، مَكنت يقظة العناصر الأمنية المغربية، مساء أول أمس الخميس، من إجهاض محاولة للتهريب غير المشروع لأدوية مصنعة من مواد مخدرة خاضعة للمراقبة الدولية، كانت في طريقها إلى إحدى دول غرب إفريقيا.
“التعاون الأمني الدولي”، الذي يعد المغرب فاعلا محوريا في دينامياته خلال السنوات الأخيرة، أفرز إجهاض محاولة للتهريب غير المشروع، باستعمال بيانات شحن مزورة، لما مجموعه 182.200 قنينة دواء مُصنع من مواد مخدرة خاضعة للمراقبة الدولية، كانت على متن باخرة قادمة من دولة آسيوية ومتوجهة نحو دولة في غرب إفريقيا.
وفي تفاصيل العملية، أوضحت مصادر هسبريس أن “عمليات المراقبة، التي باشرتها عناصر الشرطة ضمن حاوية للنقل البحري كانت على متن باخرة قادمة من دولة أسيوية ومتوجهة نحو دولة في غرب إفريقيا، مكنت من حجز هذه الكميات الكبيرة من دواء مصنع من مواد مخدرة خاضعة للمراقبة الدولية.
فيما أجرت “الشرطة القضائية المختصة ترابيا بحثا قضائيا، تحت إشراف النيابة العامة، لكشف المتورطين في محاولة تهريب هذه المواد بطريقة غير مشروعة، ورصد مسالك ووجهات تهريبها، تم التنسيق مع مكاتب “أنتربول” في الدول المعنية بمسار الرحلة البحرية.
“صيد أمني ثمين” يرفع من منسوب الثقة الدولية في عناصر الأمن الوطني المغربي، خاصة أن هذه “الشحنات المحجوزة التي تم التلاعب في بيانات الشحن الخاصة به وتقديم تصريحات تدليسية حول طبيعة البضاعة المنقولة، تَزعم أن الأمر يتعلق بقطع غيار لمركبات نارية وليس بدواء يتضمن مواد مخدرة خاضعة للمراقبة الدولية”.
وحسب المعطيات المتوفرة، أحالت عناصر الشرطة العلمية والتقنية “عينات من المواد المحجوزة على المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية لإخضاعها الخبرات اللازمة”.
حضور الكفاءة
سجل هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، أنه “في ظل تصاعد هذا النوع من التهديدات الأمنية الدولية، يَظهر المغرب كفاعل رئيسي وفعال في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، كما يتجلى من إحباط محاولة تهريب هذه الشحنة الكبيرة”.
هذا الإنجاز، حسب معتضد في تعليق تحليلي مفصل بسطه لجريدة هسبريس، “يعكس نجاعة المغرب في تكريس دوره كحارس للأمن الإقليمي والدولي؛ من خلال تبني استراتيجيات أمنية متقدمة وإجراءات رقابية دقيقة تتماشى مع المعايير الدولية”، مبرزا أن “قدرة الأجهزة الأمنية المغربية على التعامل مع مثل هذه العمليات الضخمة تدل على كفاءة المنظومة الأمنية المغربية واستعدادها لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجه المنطقة والعالم”.
من الزاوية الاستراتيجية السياسية، يُعزز هذا النجاح، حسب المصرح، “موقع المغرب كشريك موثوق في المجتمع الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة؛ عبر تكثيف التعاون مع المنظمات الدولية مثل “أنتربول”، وتعزيز قنوات تبادل المعلومات مع الدول الأخرى، يسهم المغرب في حماية الأمن الجماعي ويعزز من استقرار المنطقة؛ وهو ما يتماشى مع سياسته الخارجية التي تركز على الأمن والتعاون الإقليميين، لافتا إلى أن “هذه العمليات تؤكد أن المغرب ليس مجرد مستقبل للمساعدات الأمنية، بل هو مساهم فعال في تعزيز الأمن الدولي؛ مما يعزز من موقفه السياسي والدبلوماسي على الساحة العالمية”.
وسجل معتضد أن “إحباطه لهذه العملية يُجدد التزامه الكامل بتطبيق القوانين الدولية المتعلقة بمكافحة تهريب المخدرات؛ ما يعزز صورته كدولة قانونية تحترم التزاماتها الدولية. هذه الدينامية تعكس القدرة على مواجهة تحديات عالمية معقدة من خلال استخدام الوسائل القانونية والأمنية بشكل فعال، مما يعزز من مكانة المغرب كدولة ذات مصداقية وشريك استراتيجي يمكن الاعتماد عليه في مواجهة التحديات الأمنية العالمية. وما يعزز من الثقة المتبادلة بين المغرب وشركائه الدوليين ويعطي دفعة جديدة للعلاقات الدبلوماسية القائمة”.
“قوة إقليمية”
يقول معتضد: “نجاح المغرب في هذه العملية يتجاوز البعد الأمني إلى تعزيز موقعه كقوة إقليمية مؤثرة، قادرة على حماية حدودها وتأمين المعابر الحيوية التي تربط بين القارات. هذا النجاح يعكس أيضا القدرة المغربية على تقديم إسهامات ملموسة في حماية الأمن الدولي، وهو ما يزيد من نفوذه وتأثيره في السياسات الدولية المتعلقة بمكافحة التهريب والجريمة المنظمة. هذا الدور يعزز من الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا والمتوسط، مما يجذب مزيدا من التعاون الدولي والإقليمي مع المغرب في مجالات متعددة تتجاوز الأمن لتشمل الاقتصاد والتنمية”.
ولفت المتحدث الانتباه إلى أنه، من الناحية الاستراتيجية، “يعزز المغرب بهذه العمليات موقعه كجسر بين أوروبا وإفريقيا، قادر على تأمين المسارات البحرية الحيوية التي تربط بين القارتين”.
وأجمل بأن “تعزيز الأمن في هذه النقاط الاستراتيجية يساهم في تقوية الروابط الاقتصادية والسياسية بين الدول، مما يجعل الرباط شريكا لا غنى عنه في تحقيق الاستقرار الإقليمي. هذا الموقع الاستراتيجي يجعل من المغرب عنصرا رئيسيا في أي تحالف دولي يسعى إلى مواجهة التحديات الأمنية والإجرامية التي تتجاوز الحدود الوطنية”.
كما أن هذه الجهود “تعزز من قدرة المغرب على جذب مزيد من الاستثمارات والتعاون الدولي، حيث يصبح من الواضح أن المغرب ليس فقط شريكا أمنيا موثوقا به؛ بل أيضا دولة تمتلك البنية التحتية والقدرات اللازمة لتأمين الاستثمارات والمشاريع الكبرى. هذا البعد الاقتصادي يساهم في تعزيز التنمية المستدامة داخل المغرب، ويزيد من قدرة المملكة على لعب دور محوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي، مما يعزز من مكانتها كقوة صاعدة في الساحة الدولية”.
The post اليقظة المغربية تحبط مخططات المهربين .. الكفاءة العالية تخدم الرهانت الدولية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.