عززت الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب تزايد توجه الأسر نحو الاقتراض من أجل تمويل الاستهلاك، إذ صرحت 90.2 في المائة من الأسر، مقابل 9.8 في المائة، بعجزها عن الادخار خلال الـ 12 شهرا المقبلة؛ فيما بلغت مديونية هذه الأسر لفائدة البنوك 394.9 مليار درهم متم ماي الماضي، بزيادة قيمتها 9.5 مليارات درهم، أي بزائد 2.5 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية.
وبالنسبة إلى البنوك شكلت هذه الوضعية فرصة لزيادة إنتاجها من القروض، مستفيدة من تقليص البنك المركزي معدل الفائدة الرئيسي من 3 في المائة إلى 2.75، بعد فترة ركود طويلة، تأثرت خلالها عملية توزيع القروض بارتفاع كلفتها (الفوائد العالية)، وتفاقم مستوى المخاطر المتعلقة بعدم الأداء، خصوصا أن قيمة القروض المتعثرة مازالت في ارتفاع حتى الآن، إذ وصلت إلى 96.6 مليار درهم خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، بزائد 3.6 مليارات درهم، أي بـ 4 في المائة مقارنة مع 2023.
وكثفت المجموعات البنكية وشركات القروض عروضها الائتمانية هذه الأيام، مستغلة مناسبتين استهلاكيتين مهمتين، هما الدخول المدرسي والعطلة الصيفية، لتبتكر عروضا تنافسية ركزت على مبالغ قرض صغيرة تتراوح بين 20 ألف درهم و50 ألفا، ومعدلات فائدة منخفضة، وفترات سماح بتأجيل أداء الأقساط تصل إلى ثلاثة أشهر، لغاية جذب أكبر عدد من الزبائن الذين أنهكت قدراتهم المالية بتحملات مناسبتي رمضان وعيد الأضحى.
عروض على المقاس
دخلت البنوك في منافسة شرسة من أجل تسويق عروض قروض استهلاكية تناسب حاجيات وإمكانية كل فئة من الزبائن، الأجراء والموظفين، وأصحاب المهن الحرة والتجار وغيرهم، وذلك باستغلال مناسبتي العطلة الصيفية والدخول المدرسية، والتركيز على معدل الفائدة وتأجيل فترة السداد لجذب أكبر عدد من الزبائن، علما أن مستوى القروض الاستهلاكية حافظ على مساره التصاعدي منذ بداية السنة الجارية، إذ قفزت قيمتها إلى 58.3 مليار درهم متم ماي الماضي، أي بزائد 520 مليون درهم.
وبالنسبة إلى حسن الدرقاوي، موظف، فالحصول على قرض استهلاكي خلال هذه الفترة أملته الضرورة، بالنظر إلى تقارب المناسبات الاستهلاكية الماضية، خاصة شهر رمضان الكريم وعيد الأضحى، اللذين شهدا ارتفاعا كبيرا في أسعار المنتجات الغذائية والأضاحي أيضا، ما أنهك القدرات المالية، وأثقل على الأجر الشهري الضعيف أساسا، مقارنة مع مستويات التضخم الحالية، حتى بالزيادة الجديدة في الأجور، التي اعتبرها “هزيلة ولا تتناسب مع الإكراهات المعيشية الحالية”، مشددا في تصريح لهسبريس على أن معدلات الفائدة على القروض الاستهلاكية تظل عالية، حتى في ظل اتفاقيات الشراكة التي توقعها بعض المؤسسات العمومية مع البنوك.
من جهتها اشتكت سناء منيع، إطار في شركة خاصة للتأمينات، في تصريح لهسبريس، من صعوبات الحصول على قروض استهلاكية بالنسبة إلى أجراء القطاع الخاص، موضحة أنها فوجئت برفض ملفها لطلب قرض استهلاكي، بعلاقة مع ارتفاع مبلغ القرض الذي وصل إلى 100 ألف درهم، وضعف أجرها، ومؤكدة أنه عند استفسارها الموظف المكلف بالزبائن تلقت تبريرات بخصوص ارتفاع هامش مخاطر عدم الأداء المرتبط بالأجراء، وميل البنك إلى تقليص قيمة مبالغ الفئة المذكورة من القروض إلى مستويات يمكن السيطرة عليها، منبهة إلى أنه بخلاف الموظف الذين يحصلون على القروض بسهولة يعاني الأجير بشأن توفير الضمانات لدى البنوك وشركات القروض.
“السوابق” تحرم المقترضين
في ظل الحاجة إلى الاقتراض من أجل تمويل الاستهلاك يجد عدد كبير من الراغبين في الحصول على قروض أنفسهم محرومين من الولوج إلى المنتجات الائتمانية، باعتبار ورود أسمائهم ضمن سجلات سوابق المتعسرين في الأداء لدى مكتب القروض، وهو شركة مفوض لها من قبل بنك المغرب بتدبير هذه الخدمة، وبالتالي لا يمكنهم الحصول على قروض جديدة إلى حين تسوية وضعيتهم، وحتى بعد معالجتها تظل أسماؤهم عالقة بالنظام المعلوماتي لفترات طويلة، ما يعوق حقهم في الاقتراض.
وأوضح سليم شهابي، مستشار مالي وبنكي، أن تفعيل القانون 01.22، المتعلق بمكاتب المعلومات الائتمانية أخيرا، سلط الضوء على أهمية حماية المعطيات الشخصية لزبائن البنوك عند استعانة المؤسسات الائتمانية بمقدمي خدمات خارجيين، مثل “مكتب القروض”، الذي يتيح لهذه المؤسسات إمكانية الولوج إلى بيانات بشأن تاريخ معاملات الزببون مع البنوك وسجلاته الائتمانية، إذ يتم بناء على هذه المعطيات تقييم ملاءته المالية، وقبول أو رفض طلب إقراضه، دون أن يكون له حق الاستئناف أو الاحتجاج على موقف البنك.
وشدد شهابي، في تصريح لهسبريس، على ضرورة استصدار قوانين جديدة لتنظيم نشاط مكاتب المعلومات الائتمانية تتيح لزبائن البنوك إمكانية الاستفادة من حق التقادم، موضحا أنه ليس منطقيا أن تظل عوارض الأداء السابقة تلاحق الزبون طيلة حياته، وتؤثر سلبا على ملاءته المالية عند الاقتراض، رغم تغير ظروفه الاجتماعية والاقتصادية بمرور السنوات، منبها إلى أن اعتماد “سجلات للسوابق” يطعن في مبدأ تكافؤ الفرص، ويضر بالعرض الائتماني في السوق، خصوصا أن القروض تعتبر محركا مهما للطلب الداخلي والاستهلاك، وبالتالي محفزا لنمو الاقتصاد الوطني.
The post العطلة الصيفية والدخول المدرسي يحفزان عروض القروض الاستهلاكية بالمغرب appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.