راهنت جبهة “البوليساريو”، منذ تغيير إسبانيا لموقفها من قضية الصحراء المغربية ودعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لحل النزاع المفتعل في الصحراء، بشكل لافت على بعض الجمعيات والمنظمات “الحقوقية” والتنظيمات السياسية المعادية للمصالح الاستراتيجية للرباط من أجل اختراق الموقف الرسمي الإسباني تجاه هذا الملف والتشويش على طبيعة العلاقات بين المملكتين الجارتين.
وسعت الجبهة الانفصالية في تندوف ومعها الجزائر جاهدتين إلى الضغط على الحكومة الإسبانية من أجل إعادة النظر في الموقف المعبر عنه على هامش زيارة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى المغرب في أبريل 2022، من خلال اللعب على وتر حقوق الإنسان وفبركة الملفات الحقوقية واستغلال أطفال المخيمات في التأثير على مواقف الأسر الإسبانية في إطار ما يسمى برنامج “عطل السلام” المثير للجدل، إضافة إلى المراهنة على مواقف بعض الأحزاب من داخل التحالف الحكومي خاصة حزب “سومار” الذي استقبلت وزيرة الشباب والأطفال المنتمية إليه جمعيات تدعم الانفصال في الصحراء.
في هذا الإطار، قال رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، إن “محاولات البوليساريو للتأثير على الموقف الرسمي الإسباني من قضية الصحراء المغربية تشتد بمناسبة حلول فصل الصيف الذي يتم فيه إرسال ساكنة المخيمات إلى مجموعة من الدول لقضاء عطلتهم بالتنسيق مع بعض الجمعيات المعروفة التوجهات، في استغلال فاضح للطفولة من أجل استمالة الرأي العام الإسباني”.
وأوضح المصرح لـ هسبريس أن “البوليساريو والجزائر عملتا، منذ أواسط سبعينيات القرن الماضي، على تأسيس شبكة من الجمعيات والمنظمات التي تقول إنها حقوقية، عبر مجموعة التراب الإسباني من أجل اختراق المجتمع المدني الإسباني”، مسجلا أن “هذه المحاولات لن تنجح أبدا في التأثير على موقف مدريد الذي هو موقف دولة في نهاية المطاف واتخذ بناء على حسابات استراتيجية وعلى أساس المصالح القومية للمملكة الإسبانية”.
وشدد رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد على أن “الجبهة الانفصالية تحاول كذلك استغلال ميولات بعض الأحزاب الإسبانية، كحزب سومار الذي يشكل اليوم الحكومة مع الحزب الاشتراكي؛ إلا أن له مواقف معارضة في مجموعة من الملفات”، مؤكدا أن “مدريد حسمت مواقفها، وتراهن على استدامة العلاقات مع المغرب؛ وبالتالي فإن كل هذه المحاولات لا تعدو كونها سحابة صيف عابرة”.
من جهته، أورد عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش” منسق تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، في تصريح لـ هسبريس، أن “استقبال وزيرة الشباب والأطفال في الحكومة الإسبانية لجمعيات انفصالية لا يعدو أن يكون تدافع داخلي حول المواضع والفضاءات بين التيارات السياسية الإسبانية حول قضايا لا تحظى بإجماعها؛ وعلى رأسها قضية الصحراء وموقف الدولة الإسبانية من مشروع الحكم الذاتي، والتحديات المرتبطة بالأمن والهجرة والاتجار بالبشر والإرهاب وقضايا السلم والأمن الدوليين”.
وأضاف الكاين أن “الوزيرة الإسبانية لا تخفي تعاطفها مع تنظيم البوليساريو، وهي المسؤولة عن إرسال رسالة رسمية إلى وزير الداخلية الإسباني من أجل تمتيع شاب صحراوي بالإقامة المؤقتة بالديار الإسبانية لأسباب إنسانية، بعد أن قال القضاء الإسباني كلمته بوجوب طرد المعني بالأمر إلى موطنه الأصلي، بالإضافة إلى تقديم تبريرات باحتمالية تعرضه للتعذيب ولانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.
وشدد المتحدث لـ هسبريس على أن “المسؤولة الإسبانية أخطأت الهدف، لأنها ليست جهة ادعاء ولا تمتلك من الإمكانيات لتقييم السياقات المحتملة لوقوع خطر على الشاب المراد ترحيله، بل وتتعامى عن الاعتراف بالتقدم المحرز والممارسات الفضلى التي تحوزها المملكة المغربية في مجال حقوق الإنسان، ناهيك عن المسار المضيء لهيئة الإنصاف والمصالحة وما ترتب عن ذلك من إصلاح تشريعي ومؤسساتي وضمانات بعدم التكرار، وإسهام دولي في تطوير ووضع معايير كونية لحماية حقوق الإنسان”.
وتابع بأن “وزيرة الشباب والأطفال تريد وضع قدمها في فسيفساء السياسة الوطنية الإيبيرية، وهي القادمة من التدبير المحلي، والحالمة بتزعم حزبها بعد ابتعاد ألبرتو غارثون عن السياسة؛ غير أن شغفها سيصطدم بثوابت الدولة الإسبانية المتمثلة في المحافظة على علاقات دبلوماسية طبيعية مع جارها الجنوبي، والاستمرار في تنمية ذلك التعاون على أكثر من مستوى”.
The post البوليساريو ترتمي في أحضان تنظيمات إسبانية معادية للوحدة الترابية للمغرب appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.