مرّة أخرى يجد العداء المغربي سفيان البقالي نفسه حاملا عبئا ثقيلا ومسؤولية كبيرة يتمثلان في إنقاذ ماء وجه ألعاب القوى المغربية، إن لم يكن الرياضة بصفة عامة في البلاد، خلال مشاركته في دورة الألعاب الأولمبية في باريس.
وأبلت الرياضة المغربية، وتحديداً ألعاب القوى، بلاءً حسناً في بطولات العالم والألعاب الأولمبية، وحصدت العديد من الميداليات من مختلف المعادن، لكنها تراجعت بشكل رهيب في الأعوام الأخيرة، وكان البقالي نقطة ضوئها الوحيدة ورافع رايتها عالياً؛ ولن يختلف الأمر في عاصمة الأنوار.
وحصد البقالي (28 عاماً) المعدن الأصفر في آخر ثلاث بطولات كبيرة، فبعدما ذاق طعم الذهب في أولمبياد طوكيو صيف عام 2021، عندما أصبح أول عداء غير كيني يحرز اللقب الأولمبي في سباق 3 آلاف متر موانع منذ 1980، أكّد أنه “ملك” السباق، واضعاً حداً لسيطرة الكينيين عليه لمدة 15 عاماً في بطولة العالم عندما نال الذهبية في يوجين الأميركية.
الفوز بالذهب
كرَّس ابن مدينة فاس سيطرته على السباق عندما نال الذهب العالمي في بودابست العام الماضي، وسيطمح إلى إنجاز تاريخي للحفاظ على لقبه الاولمبي في باريس، معوّلاً على سرعته النهائية التي لم يجد لها منافسوه حلاً حتى الآن.
ويدرك البقالي حجم الضغوطات التي تقع على كاهله في كل بطولة يدخل غمار المنافسة عليها ويخرج منتصراً دائماً، ويقول في هذا: “الضغط كبير وكبير جدا، إلى درجة أنني أكون مشتت التركيز قبل السباقات النهائية إدراكاً مني لحجم الانتظارات والتوقعات والآمال المعقودة علي، لكن سرعان ما أستجمع قواي وأركّز على أن أكون أول من يجتاز خط الوصول”.
واضاف العداء: “ميزتي هي أنني، بفضل الخبرة التي اكتسبتها، أعرف كيفية تدبير الضغط. والحمد لله نجحت في جميع السباقات التي خضتها في السنوات الأخيرة”، وتابع: “أعرف أن القادم أصعب، وأن البقاء في القمة وبلوغ المجد يتطلب المزيد من العمل، وبالتالي سأواصل وأثابر من أجل مواصلة حصد الألقاب والميداليات ورفع العلم المغربي عالياً في المحافل الدولية والأولمبية”.
وأردف المتحدث ذاته: “البقالي يشارك في البطولات الكبيرة من أجل الفوز بالذهبية”.
الرقم القياسي
لم يكن مشوار البقالي نحو القمة سهلاً، خصوصاً أنه ينافس ترسانة من العدائين الكينيين والإثيوبيين والإريتريين؛ ولا ينسى التذكير بالأهمية والدور الكبير لمدربه كريم التلمساني الذي احتضنه في سن الرابعة عشرة، موردا: “ساعدني كثيراً وحفَّزني على تحقيق هذه الإنجازات، ويعطيني ثقة كبيرة في النفس”.
وأوضح العداء قبل عامين عقب فوزه باللقب العالمي في يوجين: “كنت في تحد كبير مع نفسي ومع المشكّكين في نجاحاتي. بعد تتويجي بطلاً أولمبياً تحدّث العديد من الناس عن أن مسيرة سفيان ستنتهي عقب هذا اللقب، وشكّكوا في قدراتي، واليوم قمت بالرد في المضمار، وبأفضل طريقة، في بطولة العالم، وأكدت أنني مازلت صغيراً وطموحاتي كبيرة وأفكّر في دورتين أولمبيتين مقبلتين ولا أريد ان أخرج خالي الوفاض”.
وفي آخر ثلاث بطولات كبرى حصد المغرب أربع ميداليات، بينها ثلاث ذهبيات جميعها من نصيب البقالي، فهل سيضيف الرابعة؟ وأكّد أن طموحه أكبر من ذلك، قائلا:
“فيروس كورونا كان مفيداً بالنسبة لي، فبدلاً من الانتظار كل عامين لخوض بطولة كبيرة أنا أخوض واحدة كل عام، وحصدت ثلاث ميداليات ذهبية، وأتمنى أن أواصل لأحقق الخماسية، طالما أن هذا العام هناك أولمبياد والعام المقبل هناك بطولة العالم في طوكيو”.
وواصل المتحدث: “لا يمكن تخيّل مدى سعادتي عقب كل تتويج. أتذكّر جميع المراحل التي مررت بها منذ طفولتي، وكل من ساعدني ويساعدني على حصد ثمار عملي، وإيصالي إلى هذا المستوى الذي كنت أحلم به فقط وأصبح حقيقة”.
ولم يخف البقالي سعيه إلى تحطيم الرقم القياسي العالمي للسباق، موردا: “لن أغامر بتحقيق ذلك في سنة أولمبياد أو بطولة العالم، لأن تركيزي ينصب على الذهب. الرقم القياسي مسألة وقت فقط، ولدي يقين بأنني سأحطمه في يوم من الأيام”.
ويملك البقالي تاسع أفضل توقيت في تاريخ السباق بزمن 7:56.68 سجّله في لقاء الرباط في 28 ماي 2023، وثاني أفضل توقيت في بلاده خلف مواطنه إبراهيم بولامي بزمن 7:55.28، وحققه في بروكسل في 24 غشت 2001؛ لكن هدفه الأسمى سيكون المعدن النفيس، كي يصبح ثالث رياضي عربي يتوّج مرّتين في الألعاب الأولمبية بعد مواطنه هشام الكروج (1500 متر و5 الاف متر في أثينا 2004) والسباح التونسي أسامة الملولي (1500 متر حرة في بكين 2008 و10 كيلومترات في المياه الحرّة في لندن 2012).
The post البقالي .. “جوكر أولمبي” في المغرب appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.