لمست ألمانيا منافسة جديدة مع بريطانيا بشأن استقطاب اليد العاملة الماهرة من البلدان خارج الاتحاد الأوروبي؛ ما دفعها إلى إعلان عن عزمها إقرار تخفيضات ضريبية مغرية لإقناع هذه الفئة بالبقاء على أراضيها.
خفض الضريبة
الخدمة التلفزيونية الإخبارية “tagesschau” ، التابعة لشبكة التلفزيون “أي أر دي”، أفادت بأن “الحكومة الألمانية الفيدرالية أطلقت، هذا الشهر، “مبادرة النمو”، تسعى من خلالها إلى تقديم حوافز ضريبية مغرية لتشجيع العمل بألمانيا”.
ووفق المصدر ذاته، فإن “هذه الحوافز تهم بالأساس اليد العاملة الماهرة بدول خارج الاتحاد الأوروبي، حيث سيتمكن العمال المهرة المهاجرون الجدد من المطالبة بنسبة 30 و20 و10 في المائة من إجمالي أجورهم معفاة من الضرائب في السنوات الثلاث الأولى”.
ويعود أصل هذا التوجه الحكومي إلى انتباه المسؤولين بألمانيا إلى هجرة اليد العاملة الماهرة، خاصة الهندية، نحو بريطانيا، بسبب تعقيدات اللغة الألمانية والضرائب المرتفعة.
وحسب وسائل الإعلام الألمانية، فإن “الحكومة تسعى إلى معالجة هذا المشكل، وبدأت من خلال إطلاق تحفيزات ضريبية”.
وفي هذا الصدد، طالب هوبرتوس هايل، وزير العمل بألمانيا، وفق صحيفة “ديلي ميل”، مؤخرا، أثناء زيارته لإحدى الجامعات، الطلبة الهنديين بالبقاء في ألمانيا وعدم الهجرة.
يلقي هذا النقاش، الذي يحتد في ألمانيا وسط رفض أرباب العمل لخطة الحكومة خفض الضريبة على الأجور بالنسبة للعاملين المهرة القادمين من خارج الاتحاد الأوروبي، الضوء على اليد العاملة المختصة المغربية التي تسعى برلين جاهدة إلى استقطابها.
وفي ظل غياب أعداد رسمية أو تقارير حكومية من المغرب وألمانيا حول هذا الموضوع، تحدث وزراء في حكومة الرباط عن استهداف اليد العاملة الماهرة من قبل دول بالخارج عبر عروض مغربية، خاصة في مجال الطب.
حسن جفالي، أستاذ باحث في مجال الهجرة، قال إن اعتماد الحكومة الفيدرالية الألمانية هذه التحفيزات الضريبية الجديدة “يمهد إلى زيادة الرغبة لدى اليد العاملة المغربية المختصة للعمل في هذا البلد الأوروبي”.
وأضاف جفالي، في حديث لهسبريس، أن ألمانيا، منذ الستينيات، وعبر اتفاقية حكومية، “تستقطب اليد العاملة المغربية. ومع رصد معدلات مقلقة للشيخوخة بأوروبا، كانت سنة 2015 منطلقا لاستقبال مهاجرين خاصة من سوريا، واستفادت من ملايين العمال المختصين في مجالات مطلوبة كالطب والتكنولوجيا”.
تحفيز جديد
مع مرور الوقت، رصدت ألمانيا أن شركاتها بدأت تفقد اليد العاملة الماهرة، وحدث خصاص مهول في السنوات الأخيرة؛ وبالتالي تسارع الحكومة الزمن لسد هذا الخصاص، تابع المتحدث عينه، مؤكدا أن “التحفيزات الضريبية الجديدة تدخل ضمن هذه الاستراتيجية الجديدة”.
ويعيش المغرب وألمانيا والعديد من الدول الأوروبية التي تلهث وراء اليد العاملة الماهرة خارج الاتحاد “لعبة القط والفأر”، حسب الأستاذ الباحث في مجال الهجرة، موردا: “الرباط تعلم بخطط هذه الدول، وما حدث في ملف طلبة الطب دليل على ذلك”.
وزاد: “التحفيزات الضريبية خطوة جديدة ستجذب المزيد من اليد العاملة المغربية المختصة لهذا البلد”، لافتا إلى أن “موضوع اللغة فهو غير مطروح؛ فبرلين وضعت العديد من مراكز اللغة في أيدي الطلبة المغاربة في العديد من مدن المملكة”.
حسب تقرير لمنصة ” INFOMIGRANTS”، فإن هولجر بونين، رئيس سوق العمل والموارد البشرية والسياسة الاجتماعية في مركز ZEW (مركز لايبنتز للأبحاث الاقتصادية الأوروبية)، قد صرح بأن الأجور المنخفضة والضرائب العالية وتعقيدات اللغة، مقارنة بدول أوروبية أخرى، تساهم في عدم جعل برلين وجهة مفضلة لليد العاملة الماهرة القادمة من الخارج”.
وتسعى برلين، إلى جانب الضريبة، إلى تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات أمام اليد العاملة الأجنبية. وقد أكدت ذلك الخارجية الألمانية، في يونيو المنصرم.
في الشهر ذاته، أعلنت نانسي فيسر، وزيرة الداخلية الاتحادية في ألمانيا، في تصريحات لصحيفة “هاندلسبلات” الألمانية، إبرام اتفاقيات للهجرة وجلب العمالة الماهرة مع مجموعة من الدول؛ على رأسها المغرب وجورجيا وكولومبيا.
الرغبة في الهجرة
لا يرى خالد الصمدي، كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، أن “اللغة وحتى الضريبة ستكون أو كانت حاجزا أمام الرغبة الواضحة لليد العاملة المختصة بالمغرب في الهجرة نحو أوروبا وبلدان أخرى”.
وأضاف الصمدي، ضمن تصريح لهسبريس، أن هناك مدنا مغربية محددة توجد بها اتفاقيات توأمة مع مدن ألمانية من أجل تدريس اللغة الألمانية بها، وبعدها تسهيل ولوج الطلبة أو اليد العاملة المختصة نحو برلين “بكل سلاسة”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن خفض الضريبة، المعلن مؤخرا، “يمكن أن يكون محفزا إضافيا لليد العاملة المغربية للذهاب نحو ألمانيا”، مستدركا بأن “هذا عامل غير مطروح؛ فرغبة الهجرة توجد بقوة. وفي مجال الطب، يعمد الكثير من الخريجين إلى الحصول على شواهد اللغة الألمانية”.
وقال كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي إنه شخصيا “لاحظ هجرة مئات الطلبة المغاربة بمدينة القنيطرة، بعد انخراطهم في تكوينات تعلم اللغة الألمانية بأحد المراكز، وهم حاليا في هذا البلد الأوروبي”.
The post ألمانيا تغري اليد العاملة المغربية ذات الخبرة بأجور شهرية منخفضة الضريبة appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.