مع الانصرام التدريجي للعطلة المدرسية الصيفية، وما إن تبدأ بوادر موسم دراسي جديد تلوح في الأفق حتى يتملكَ فئة من التلاميذ والتلميذات، خاصة بالسلك الابتدائي، نوعٌ من الخوف والرهاب من “الدخول المدرسي” الذي يرتبط لدى أغلب المتعلمين بالانتقال من مستوى دراسي إلى آخر أو من مؤسسة تعليمية إلى أخرى.
وفي الوقت الذي تفهم فئة من الآباء والأمهات الوضعية النفسية التي يعيشها الأبناء قُبيْل انطلاق الموسم الدراسي، محاولين التعامل معها بما يملكون من قدرات تواصلية للتخفيف من حدة “الرهاب المدرسي”، تبقى فئة أخرى من أولياء الأمور غير قادرة على معرفة أسباب هذا الخوف وأهم محفزاته وسبل الوقاية منه وكيفية مساعدة الأبناء على تجاوزه.
مقاربة نفسية إكلينيكية
ندى الفضل، أخصائية ومعالجة نفسية إكلينيكية، قالت إن “عددا من التلاميذ يشعرون بالخوف من الدراسة والانتقال إلى مستوى دراسي جديد، أو الانتقال من مدرسة إلى أخرى جديدة، وهذا راجع لأسباب عديدة؛ من بينها تعلق الطفل بالوسط الأسري”.
وأضافت المتحدثة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الطفل أحيانا يخاف من التغيير الذي سيُقبل عليه مع بداية الموسم الدراسي، سواء من حيث الوسط الجديد الذي سيحتضنه أو من حيث الأشخاص الذين سيحتك بهم ويتعامل معهم في المدرسة”.
وأكدت ندى الفضل، ضمن أسباب الخوف من الدراسة، أن “رهاب الطفل من الموسم الدراسي الجديد قد ينتج بسبب وجود أحداث سابقة وغير مرغوب فيها، كانت قد أثرت على الجانب النفسي للطفل ورؤيته للمدرسة والمعلمين”، و”الخوف من تغيير المدرسة والأساتذة والتلاميذ الذين سبق للطفل التعرف والتعلق بهم في الموسم الدراسي الماضي”.
محفزات ونصائح
بخصوص المحفزات الأخرى التي تزيد من الخوف عند التلاميذ، أشارت المعالجة الإكلينيكية إلى “الترهيب أو التهديد الذي يقوم به بعض الآباء والأمهات في الفترة الصيفية تجاه أطفالهم، على اعتبار أن المدرسة والمعلمين يوقفون حرية وراحة الطفل”.
ولفتت الأخصائية النفسية إلى أن “العوامل المذكورة تؤثر على الصحة النفسية للطفل، وتُحدث في داخله خوفا مرضيا أو رفضا كليا للذهاب إلى المدرسة، إضافة إلى معاناته لاحقا مع مشاكل وصعوبات في التعلم، واللجوء إلى العنف تجاه أقرانه”.
ومن بين المشاكل التي تظهر لدى هذه الفئة من التلاميذ، ذَكَرت الأخصائية والمعالجة النفسية الإكلينيكية “الخجل، والعزلة، وعدم الاندماج داخل الفصل الدراسي ومع الأنشطة الترفيهية المدرسية، وحدوث نوبة من البكاء المفرط، وقلة التركيز، وضعف الانتباه، وتشتت التفكير”.
ونصحت ندى الفضل بمساعدة الطفل على تجاوز ذلك التخوف؛ من خلال “تجنب ترهيب الطفل من المدرسة أو الأساتذة خلال العطلة”، و”الحديث عن المدرسة وآفاقها بشكل إيجابي”، و”طمأنة الطفل بأنه سيتعرف في الموسم الدراسي المقبل على أساتذة وأصدقاء جدد وأفضل مما يرغب”، و”تحفيز الطفل بتقديم بعض الهدايا لتشجيعه على الذهاب إلى المدرسة”.
مقاربة تربوية تعليمية
قال جبير مجاهد، أستاذ وباحث في الشأن التربوي، إن “مسألة تأقلم التلميذات والتلاميذ مع البيئة التعليمية الجديدة تُطرح مع بداية كل موسم دراسي، حيث يجد بعض التلاميذ صعوبة في الاستعداد والتأقلم مع تلك المرحلة من المسار الدراسي، مع الاختلاف الواضع من طفل إلى آخر حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية”.
وأكد مجاهد أن أسباب هذا التخوف متتعددة ومتداخلة؛ وفي مقدمتها “الافتراق مع الأقران والأصدقاء السابقين”، و”معاناة هؤلاء الأطفال من بعض الصعوبات التي تجعلهم محط تنمر من طرف زملائهم، مما يجعلهم متخوفين من البيئة الجديدة قبل الالتحاق بها”.
وذكر الباحث في الشأن التربوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الخوف قد يترسب في نفسية الطفل بسبب تعامل سابق من لدن بعض المدرسات والمدرسين الذين كانوا يتعاملون معه بنوع من الغلظة؛ مما يجعل تصور الطفل نحو مدرسيه الجدد سيئا قبل ملاقاتهم”.
ونبه جبير مجاهد إلى أن “الأطر الإدارية والتربوية بإمكانهم مساعدة الأطفال على تجاوز هذا الخوف، من خلال إجراءات وتدابير عديدة؛ أبرزها مساعدتهم على التأقلم مع البيئة الجديدة، وعدم الضغط عليهم بكثرة الواجبات المدرسية، وتشجيعهم على الانخراط في الأنشطة الموازية التي تفتح أمامهم فرص الاندماج بسرعة في البيئة التعليمية الجديدة”.
وشدد المتحدث على أهمية “المتابعة الدقيقة من لدن الآباء والأمهات”، و”وضع برنامج ترفيهي يضمن اندماجهم في البيئة التعليمية الجديدة بشكل سلس”، و”محاولة تهيئة الطفل للتعامل مع الموسم الدراسي الجديد عبر تحبيب الدراسة والمدرسة قبل الولوج إليهما”.
The post أطفال يصابون برهاب الموسم الدراسي الجديد مع توالي أيام العطلة الصيفية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.