بعد الرسالة التي تلقاها الملك محمد السادس من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي اعتبر فيها هذا الأخير أن “حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية”، وبعد بيان الخارجية الجزائرية التي ردت على هذا الموقف بسحب سفيرها من باريس؛ انتقد معارضون جزائريون السياسة الخارجية لبلادهم ورهن مستقبل الجزائر بقضية الصحراء، كما انتقدوا دعم نظام بلادهم لمطالب البوليساريو طيلة عقود من الزمن على حساب أموال الشعب الجزائري؛ وهو ما اعتبروه هدرا للزمن التنموي في الجزائر نتيجة مواصلة هذه الأخيرة دعم طرح راديكالي خاسر باتت أغلب دول العالم مقتنعة بعدم صوابيته.
في هذا الإطار، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “إقدام النظام على سحب سفيره لدى فرنسا عشية الموقف الفرنسي الداعم لمخطط الحكم الذاتي هو تكرار ومراكمة للفشل في تدبير وإدارة العلاقات الخارجية للجزائر نتيجة رهنها بقضية الصحراء”، مضيفا أن “الجزائر سبق أن جربت هذا الأمر مع إسبانيا التي دعمت هي الأخرى سيادة الرباط على أقاليمها الجنوبية قبل أن تعيد طلب تعيين سفيرها بمدريد دون أن يتغير موقف هذه الأخيرة من هذه القضية”.
وأوضح بن زهرة أن “النظام الجزائري أحس بفقدان سيطرته ونفوذه في هذه القضية التي استهلكت مليارات الدولارات من أموال الشعب الجزائري في العقود الخمسة الأخيرة دون تحقيق أية نتيجة باستثناء التنازل على أراض جزائرية في تندوف لفائدة ميليشيا البوليساريو”، مشددا على أن “سياسة هذا النظام تجاه هذا الملف ضيعت على الجزائريين زمنا تنمويا ثمينا وأموالا ضخمة كان من الممكن توجيهها لبناء المصانع لتشغيل الشباب الذي يهرب اليوم بالآلاف ويخاطر بحياته في قوارب الموت أسبوعيا بحثا عن حياة أفضل”.
وبيّن المصرح لـ هسبريس أن “التطورات، التي شهدها هذا الملف لصالح المغرب، أظهرت أن هذه القضية هي قضية خاسرة بالنسبة للجزائر سياسيا واقتصاديا أيضا؛ فقد سبق لفرحات عباس، أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة، أن حذر في السبعينيات من تبذير أموال الشعب في قضية البوليساريو؛ غير أن النظام أصر على غير ذلك، وها نحن اليوم نرى النتيجة”.
وشدد على أن “الجزائر تعيش اليوم وضعا اقتصاديا كارثيا نتيجة العشوائية تطبع السلوك السياسي والدبلوماسي والاقتصادي للنظام الحاكم وعزله للبلاد عن محيطها الإقليمي والقاري بسبب تشبثه بموقف راديكالي في قضية بات المنتظم الدولي مقتنعا بأهمية تسويتها على أسس واقعية وعملية”، مسجلا أن “السفير الفرنسي سيعود إلى الجزائر كما عاد لما قال ماكرون إنه لا يوجد أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي؛ لأن سحب هذه الخطوة الجزائرية ما هي إلا محاولة للتلاعب بعقول بعض الفئات فيما يتعلق بمسألة العداء الفرنسي الجزائري”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته، أوضح وليد كبير، صحافي جزائري معارض، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “بيان الخارجية الجزائرية الأخير هو بيان مُعسكر يحيل على أنه كُتب في إحدى الثكنات العسكرية وفي وزارة تشرف على العلاقات الدبلوماسية للبلاد، خاصة أنه تضمن مغالطات ومفردات تتنافى مع مبادئ القانون الدولي”.
وأضاف: “نتمنى حقيقة لو كان هناك بعض العقلاء في الجزائر لكي تتم مراجعة هذه السياسة الخارجية التي لم تنفع الجزائر في أي شيء منذ خمسين سنة”، متابعا بأن “تأثير القرار الفرنسي سيكون كبيرا على المستوى الدولي، خصوصا على مستوى مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، إذ سيشجع المزيد من الدول على إبداء مواقف مشابهة. وعليه، فإن ملف الصحراء هو الآن في منعطفه الأخير مع هذه القرارات التاريخية التي تذهب بهذا النزاع الذي أضر الجزائر كثيرا ومعها دول وشعوب المنطقة، في اتجاه التصفية النهائية على أساس المقاربة المغربية”.
وتفاعلا مع سؤال حول طبيعة ردود الفعل الجزائرية الأخرى المتوقعة على خلفية القرار الفرنسي، سجل المتحدث ذاته أن “العلاقات بين الجزائر وفرنسا هي أكثر تعقيدا من العلاقات مع باقي الدول الأوروبية على غرار إسبانيا. وعليه، فمستبعد أن تتجه الجزائر إلى استعمال ورقة الاقتصاد أو الغاز لمحاولة ليّ ذراع باريس؛ لأن الجزائر بحاجة اليوم إلى فرنسا على المستوى الدولي.. وبالتالي، فهي لا تستطيع فعل أكثر مما فعلته لإصدار بيان استباقي أو البيان الأخير الذي أعلن من خلاله سحب السفير، وكل هذه الخطوات موجهة للاستهلاك الداخلي لا أقل ولا أكثر”.
The post معارضون: الجزائر تُراكِم الفشل في الصحراء .. وسحب السفير “استهلاك داخلي” appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.