شهدت شبكة الطرق السيارة في المغرب، خلال الـ25 سنة الماضية، توسعا مهما؛ فقد أصبح تعزيز البنية التحتية للمملكة وتطوير الخبرة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، رافدين رئيسيين للتنافسية والنمو الاقتصادي. ويتجلى هذا الوضع من خلال انتقال طول الطرق السيارة من 400 كيلومتر فقط في سنة 1999 إلى 1800 كيلومتر حاليا؛ ما يربط جميع المدن التي يزيد عدد سكانها عن 400 ألف نسمة. وقد جعل هذا التطور المملكة تحتل المرتبة الثانية في إفريقيا من حيث شبكة الطرق السريعة، بعد جنوب إفريقيا مباشرة.
ويخطط المغرب بطموح كبير من أجل توسيع شبكته من الطرق السيارة إلى ثلاثة آلاف كيلومتر بحلول سنة 2030؛ ما يعكس التزام الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب المستمر بالنمو والمستقبل المزدهر والمترابط. وعملت الشركة، منذ سنة 2016، على الوفاء بالتزاماتها في مهمة مزدوجة، تجمع بين نشاطها في بناء البنية التحتية للطرق السيارة وخدمة مستعملي الطرق السيارة؛ من خلال مجموعة متنوعة من المنتجات لجعل تجربة “السفر” آمنة ومريحة، قبل أن تبدأ في 2017 مشروعا واسعا لتصنيع وتحديث أنشطتها، من أجل رفع مستوى الخدمات إلى أفضل المعايير الدولية، لتشمل أتمتة تحصيل الرسوم والإشراف على حركة المرور والوصول إلى المعلومات حول ظروف المرور في الوقت الفعلي، مع تخصيص الخدمات وفقا لاحتياجات وتوقعات كل زبون.
وتمكنت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، بفضل الاستثمار في التكوين وتطوير المهارات، من ترسيخ موقعها كفاعل على المستوى القاري. وتتمتع الشركة بشهرة كبيرة في إفريقيا، فيما استفادت العديد من البلدان الإفريقية من خبرتها، خصوصا عبر ADM Projet وADM Académie؛ فيما اضطلعت بدور رئيسي كقاطرة للشركات العاملة في قطاع البناء والطرق السيارة، حيث ساعدت في إنشاء وتطوير نظام بيئي يضم الشركات المغربية التي تمكنت من التكوين، في البداية، والشركات الدولية التي جرى استدعاؤها لتنفيذ المشاريع الأولى، وكذا مهندسي شركة الطرق السيار، ليشمل هذا الاستثمار الدعم التقني وإطار عمل للشركات، وإدماج استراتيجية تقسيم المشاريع، وكذا مراجعة وتحسين دفاتر الشروط باستمرار وفق المعايير الدولية.
تطور مبني على الحكامة والابتكار
واصلت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب نشاطها في بيئة وطنية ودينامية وتنافسية، جعلت صناعة الطرق السيارة مجالا جديدا للتميز المغربي، حيث تمكنت من التطور في بلدان إفريقية أخرى، واستغلت فرصا كانت متاحة فقط للشركات الدولية الكبرى؛ ما مكن من نشر طرق وأساليب الشركة على الصعيد الدولي، فيما ظهرت ريادتها في بدء مشاريع مرتبطة بالرقمنة، حيث سجلت 2014 إدماج نظام تحصيل الرسوم الإلكتروني وتعميمه على جميع محطات الشبكة الطرقية، بالإضافة إلى النجاح الواضح لمشروع “جواز”ـ الذي تمركز شاهدا على ميل زبناء الشركة إلى تبني التقنيات الجديدة؛ ما يؤكد على صواب مشروع المكننة، ليتجاوز عدد أجهزة “باس جواز” مليوني “باس جواز”، مع نسبة وصلت إلى 60 في المائة مقارنة بوسائل الأداء الأخرى.
ولتعزيز استراتيجية الإشراف على حركة المرور، أحدثت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب في 2018 مركز المعلومات المرورية، مدعوما بغرف تحكم جهوية. واستهدفت هذه البنية التحتية عالية التقنية تدبير حركة المرور عن بعد وبشكل مركزي على طول الشبكة الطرقية، والتنسيق في الوقت الفعلي مع مختلف الجهات المعنية، وتوفير معلومات موثوقة حول حركة المرور لجميع الأطراف المعنية، مع هدف رئيسي هو تقديم أقصى درجات السلامة والراحة لمستعملي الطرق السيارة.
كما وضعت الشركة، أيضا، برنامجا لتحديث محطات تحصيل الأداء لغاية تعزيز مستوى السلامة وضمان التناسق بين جميع محطات الشبكة الطرقية، حيث تم تجهيز جميع المحطات بشبكة من المعدات الحديثة (حواجز تلقائية وإشارات التخصيص، كاميرات ومحطات المساعدة الإلكترونية، وكذا معدات الأمان)، علما أن هذا المشروع يساهم في تحسين شروط السفر من خلال نظام الأداء التلقائي.
وباعتبار الطرق السيارة مجالا عاما، فإن سلامة مستعملي الطريق السيار يتم تدبيره أيضا من قبل مختلف الجهات المعنية، مثل الدرك الملكي والوقاية المدنية، وكذا فرق المساعدة وشركات الإنقاذ التي تتعاون معا لضمان سلامة الحركة على الطرق السيارة؛ وهو السبب وراء عمل الشركة الوطنية للطرق السيارة بالتنسيق مع هذه الجهات، وتوقيع شراكات لتعزيز وجودهم على الشبكة، وتحسين مدة تدخلاتهم، علما أن الشبكة الطرقية تشمل 53 مركزا للدرك الملكي و16 محطة للوقاية المدني، مجهزة ومخصصة حصريا لمستعملي الطرق السيارة.
وتواصل الشركة استثمارها في تحديث وصيانة باحات الاستراحة من أجل رفع جودة الخدمات المقدمة للزبائن، وضمان تجربة سفر أفضل على الطرق السيارة، حيث تشمل هذه الباحات مطاعم وفضاءات استجمام، في أفق زيادة كفاءة الشبكة بباحات خدمة جديدة على مختلف المحاور الطرقية؛ ما سيتيح للزبائن الاستراحة قبل متابعة سفرهم بأمان وراحة.
كرونولوجيا تطور شبكة الطرق السيارة منذ 1999
مر تطور وتوسع شبكة الطرق السيارة في المغرب من مجموعة من المرحل خلال الـ25 سنة الماضية؛ فمنذ ماي 1999 تم افتتاح الطريق السيار الرباط – الخميسات بطول 52 كيلومترا، وإطلاق الطريق السيار العرائش – سيدي اليماني في شتنبر من السنة ذاتها بطول يمتد إلى 28 كيلومترا، قبل فتح طريق الدار البيضاء – سطات في 2001 على طول 57 كيلومترا، وكذا الطريق السيار سيدي اليماني – أصيلة خلال غشت 2002 (15 كيلومترا)، والطريق السيار المداري بالدار البيضاء المرحلة 1 في يوليوز 2003 على طول 27 كيلومترا، ثم الطريق السيار الدار البيضاء – حد السوالم في فبراير 2004 بطول 16 كيلومترا، بالإضافة إلى الطريق السيار المداري بالدار البيضاء المرحلة 2 في فبراير 2004 على طول امتد إلى 6.5 كيلومترات.
وفي يونيو 2005، افتتحت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب طريق حد السوالم – اثنين شتوكة على طول 35 كيلومترا، وطريق أصيلة – طنجة في يوليوز من السنة ذاتها بطول 30 كيلومترا، ثم الطريق المداري بسطات في نونبر الموالي على طول وصل إلى 17 كيلومترا، وطريق اثنين شتوكة – الجديدة في يونيو 2006 على طول 28 كيلومترا، والطريق السيار سطات – مراكش في أبريل 2007 بطول 145 كيلومترا، فيما شهد شهر يوليوز 2007 افتتاح طريقي تطوان – المضيق والقصر الصغير – طنجة المتوسط، على التوالي، بطولي 17 كيلومترا و4 كيلومترات، قبل أن يعرف شهر مارس من 2008 افتتاح الطريق السيار الشبا – القصر الصغير والطريق الوطنية 2 – الشبا، على التوالي، بطولي 14 كيلومترا لكل واحدة.
وجرى افتتاح طريق المضيق – الفنيدق في يوليوز 2008 على طول 11 كيلومترا، وإطلاق طريق مراكش الغرب – الطريق الوطنية 8 في يناير 2009 بطول17 كيلومترا، قبل افتتاح الطريق السيار المحيط بمراكش في يناير 2009 على طول 33 كيلومترا، وفتح الطريق الوطنية 8 – أكادير في 2010 على طول 180.5 كيلومترات، ثم إطلاق طريق فاس – وجدة في يوليوز 2011 على طول 320 كيلومترا. وبعد ذلك، فتح الطريق السريع الدار البيضاء – الرباط إلى 2 في 3 مسارات في دجنبر 2012 على طول 57.3 كيلومترات، وطريق خريبكة – بني ملال في ماي 2014 على طول 95 كيلومترا، والطريق السريع برشيد – خريبكة في يوليوز 2015 بطول 77 كيلومترا، وكذا الطريق المداري بالرباط في يوليوز 2016 على طول 41 كيلومترا، وافتتاح طريق الجديدة – آسفي في غشت 2016 بطول 140 كيلومترا، وطريق طنجة – الطريق الوطنية 2 في يوليوز 2017 بطول 22 كيلومترا.
مشاريع بنية تحتية طرقية جارية
تم تصميم الطريق السيار تيط مليل – برشيد: في البداية بمسارين 2 في 3. ويعد هذا المشروع الأول في تاريخ شبكة الطرق السيارة الوطنية، حيث يقدم بديلا عمليا للحركة المرورية الكثيفة حاليا في الدار البيضاء الكبرى؛ فيما أطلقت الشركة الوطنية للطرق السيارة من أجل تقليص طول ومدة التنقل للمستخدمين القادمين من الشمال والشرق والمتجهين نحو جنوب المملكة أشغال بناء هذا الطريق السيار، حيث يمتد هذا المشروع على طول يبلغ 30 كيلومترا، يربط مباشرة الطريق السيار المحيط بالدار البيضاء عند تقاطع تيط مليل، بالطريق السيار الدار البيضاء-مراكش والطريق السيار برشيد- بني ملال عند نقطة التقاطع ببرشيد، علما أنه تم تقسيم المشروع إلى 4 حصص أسندت إلى 4 شركات مقاولات مغربية كبيرة. وسيستمر المشروع على مدى 30 شهرا بتكلفة إجمالية قدرها 2.5 مليارات درهم، ممولة بشكل رئيسي من قبل الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويهدف مشروع توسيع الطريق السريع الدار البيضاء-برشيد والطريق السريع المداري بالدار البيضاء إلى تسهيل حركة المرور في الدار البيضاء الكبرى، وتسهيل الوصول إلى المرافق الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، وخاصة مطار محمد الخامس الدولي؛ فيما يمتد المشروع على طول يبلغ 60 كيلومترا من تقاطع المحمدية إلى نقطة التقاطع ببرشيد، مرورا بتقاطع ليساسفة، بتكلفة إجمالية تزيد عن ملياري درهم.
ونظرا لأن المشروع يعد من بين المشاريع الأكثر تعقيدا، حيث يتعلق بتوسيع أجزاء الطرق السيارة ذات الحركة المرورية الكثيفة التي تخدم البنية التحتية الحيوية، وضمان استمرار الحركة المرورية في 2 في 2 خلال فترة العمل، حرصت الشركة الوطنية للطرق السيارة على وضع خطة مرحلية ذكية، تهدف إلى تقليل الإزعاج وضمان سلامة المناطق المحيطة بالمشروع لتأمين الحفاظ على مستوى الخدمة المقدم للمستخدمين؛ فيما يتم تنفيذ الأشغال بواسطة شركات مغربية، حيث تشارف على الانتهاء بنسبة 85 في المائة على الطريق السريع الدار البيضاء-برشيد، و70 في المائة على الطريق السيار المداري بالدار البيضاء، ما يتجاوز الجدول الزمني المحدد.
وبهدف تحسين مستوى الخدمات المقدمة لمستعملي ممر الطرق السيارة الرباط-الدار البيضاء، ومنع أي ازدحام مستقبلي على الطريق السيار الحالي الرباط – الدار البيضاء، تعتزم الشركة الوطنية للطرق السيارة تنفيذ طريق سيار جديد الرباط-الدار البيضاء القارية. ويمتد هذا المشروع الهيكلي على طول 59 كيلومترا، بتكلفة استثمارية قدرها 5 مليارات درهم؛ فيما تواصل الفرق التقنية للشركة، حاليا، استكمال الدراسات التفصيلية للمشروع (دراسة المرور والتسعير، والأعمال الجيوتقنية والجيوفيزيائية، ودراسة الأثر البيئي، وكذا تدقيق السلامة الطرقية، ومراقبة الدراسات الفنية للجسور، والأشغال الطبوغرافية،…).
The post مشاريع توسيع شبكة الطرق السيارة بالمغرب .. 25 سنة من التقدم والابتكار appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.