تُواصل تداعيات موضوع الرعي الجائر في مناطق جهة سوس-ماسة إثارة الجدل وتجديد النقاش حول هذه الظاهرة المنظَّمة قانوناً، بعدما وثّقت بعض مقاطع الفيديو والصور عودة هذه الظاهرة إلى جماعات إقليميْ تارودانت وتيزنيت خصوصاً، فيما تحولت بعض الحالات إلى “مواجهات” بين الرعاة الرُّحل وبعض السكان المحليين الذين يشْكون تهجُّم إبل الرعاة على محاصيل أشجارهم المثمرة من الأركان واللوز والزيتون.
وكانت “تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة” أدانت، غير ما مرة، “استمرار هذا المشكل بتراب جهة سوس ماسة، إلى درجة تهديده السلم الاجتماعي”، مؤكدة تلقيها تقارير من عدد من المناطق التي “تعرضت للاستهداف من الرعاة الرحل بقطعان كبيرة تنتهك أراضي الساكنة ومغروساتها، دون تحرك من السلطات لوقف هذه الأعمال التخريبية التي تطال أراضي وممتلكات المحليين”.
وتابعت هسبريس، خلال الأيام القليلة الماضية، انتشارَ فيديوهات على صفحات محلية في موقع التواصل “فيسبوك” وحسابات فاعلين محليين تُظهر “حالات تعد أو اندلاع شجارات” بين ساكنة محلية مالكة لأراضٍ ورعاة رحل يأتون بماشيتهم عادة خلال فصل الصيف من أقاليم جنوب المملكة.
ورغم التشريعات الجديدة المنظمة لقطاع المراعي، التي كان الفاعل العمومي الرسمي أصدرها وأقرّها من خلال “القانون رقم 113.13 المتعلق بتنظيم الترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية”، (منشور بالجريدة الرسمية عدد 2222 بتاريخ 19 ماي 2016، ص. 3861) فإن “هذه القوانين التي هدفت إلى تنظيم استخدام المراعي أدّت إلى تأثيرات غير متوقعة، إذ تم تقييد حركة الرعاة بين مناطق الرعي، ما أثر سلباً على قدرتهم على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة”، بحسب آراء فاعلين مدنيين متابعين للموضوع.
وبالنسبة للرعاة الذين اعتادوا على التنقل والترحال بين الشمال والجنوب حسب الحاجة، وخصوصا خلال فصليْ الربيع والصيف، فإن الحاجة تستدعي منهم ذلك “لتوفير الغذاء لمواشيهم”.
رشيد أيت مبارك، فاعل مدني بجماعة ‘توفلعزت’ بإقليم تارودانت، أكد، متفاعلا مع الموضوع، أنه “منذ 2004 وأهالي جهة سوس طالما ناضلوا عبر مسيرات ووقفات ومراسلات لإلغاء الرعي الجائر أو على الأقل الحد من آثاره، غيْرَ أنه إلى حدود يومنا هذا لا يوجد أي إجراء فعّال 100% يمنع الظاهرة بعد تكرار حوادث التهجّم على ممتلكات وفلاحة معيشية للساكنة المحلية بعدد من الجماعات”.
“بينما كان المنتظرُ خروج قانون يحمي الساكنة وممتلكاتها بعد سنوات من مطالبها فإن قانون سنة 2018 فاقمَ، بل ضاعف الكارثة”، يورد آيت مبارك في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، وتابع شارحا بأن “الملاحَظ بعد صدور القانون المذكور هو ظهور مشاكل جديدة تتضمن اعتداءات تطال أشخاصا قاطنين بالمنطقة ومياه شربهم وسقي أراضيهم، إذ أصبح الرعاة الرحل يحسُّون بأن لديهم ما يحميهم”، معتبرا أن “اللجوء إلى شكايات للسلطات المحلية لم يعدِ يجدي نفعاً”.
ونبه الفاعل المدني ذاته إلى أن “الرعي الجائر لجحافل من الإبل والأغنام تحوّل إلى عامل تهديد حقيقي لاستدامة الثروة الغابوية والزراعات المحلية المعيشية، خاصة في ظل قلة موارد المياه المخصصة للسقي عبر الآبار”.
“منظومة الاقتصاد المحلي كلها في خطر ويلحقُها ضرر جسيم بعودة ظاهرة الرعي الجائر خلال الصيف الجاري، بوتيرة أكثر حدة وسلبية، ما يدخل المنطقة في صراعات بين الرعاة الرحل والساكنة”، يردف المتحدث، خاتما بأن “الأمر يستدعي فعليا التحرك الميداني للسلطات المختصة لتطويق تحركات الرعاة الرحل وتنظيمها قبل أن تستفحل إلى ما لا تحمد عقباه”، وفق تعبيره.
The post سوس تواصل رفض “الرعي الجائر” appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.