مازال ترخيص وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة لاستيراد ملايين الأطنان من النفايات المنزلية والعجلات المطاطية، يثير الكثير من الجدل في أوساط المجتمع المغربي بخصوص جدوى واستخدامات هذه النفايات المستوردة. وفيما اعتبرت الوزيرة، ليلى بنعلي، أن النفايات المستوردة ستستخدم في “التثمين الصناعي والطاقي”، نبّه خبراء في الشأن الطاقي إلى أن أهمية العجلات المطاطية تحديدا في أنشطة المصانع المغربية ليست مبررا بأي حال “للمقامرة بآثارها البيئية المدمرة”.
وأكد الخبراء الذين تحدثوا لهسبريس أن الوزارة الوصية مطالبة “بعدم تشجيع استيراد هذه العجلات، وتوفير بدائل أخرى لفائدة المصانع التي تعتمد عليها”، منبّهين إلى أن النفايات المنزلية والمستوردة عموما تبقى “تراجعا عن مسار المغرب نحو تعزيز حصة الطاقات النظيفة ضمن المزيج الطاقي، وتنصلا من الالتزامات الدولية التي قطعتها المملكة للحد من مسببات التغير المناخي”.
فعالية ومفارقة
علي شرود، باحث في الشأن الطاقي والمناخي، شدد بداية على أن “النفايات المطاطية المستوردة تبقى بدون فعالية كبيرة في إنتاج الطاقة الحرارية، فمقابل تدوير كميات كبيرة من هذه النفايات يتم إنتاج كميّات قليلة من الطاقة، بخلاف الموارد الأخرى وعلى رأسها الطاقة الشمسية”، مضيفا أنها “ذات كلفة اقتصادية منخفضة بالنسبة للمصانع”.
شرود أقرّ في تصريح لهسبريس بأن “استيراد هذه العجلات المطاطية يضعنا أمام مفارقة؛ فهي من جهة ضرورية للمصانع المغربية التي تعتمد عليها بغرض تقليل كلفة الإنتاج. ومن جهة ثانية، فإن إعادة تدويرها من قبل هذه المصانع له انعكاسات بيئية خطيرة تتمثل في انبعاث مجموعة من الغازات السامة، في مقدمتها ثاني أوكسيد الكربون، لكون هذه الإطارات مصنعة من مشتقات البترول”.
وقال الباحث في الشأن الطاقي والمناخي إن “هذا لا يعفي السلطات الحكومية من التفكير في ضرورة إيجاد حلول بديلة لجعل تكلفة الطاقات المتجددة في متناول المصانع، عوض التشجيع على استيراد هذه العجلات؛ لأنه يبقى معاكسا لتوجه المغرب نحو الرفع من نسبة الطاقات النظيفة ضمن المزيج الطاقي إلى 52 في المئة بحلول سنة 2030، في أفق الاعتماد عليها كليا بحلول سنة 2050”.
وأكد شرود أن “الوزارة الوصية مطالبة بعدم الرجوع بالمغرب خطوات إلى الوراء في هذا الإطار، بل مواصلة السير قدما في اتجاه تشجيع اعتماد الهيدروجين الأخضر تماشيا مع المشروع الملكي [عرض المغرب]، وتنفيذا لمختلف الالتزامات الدولية التي قطعتها المملكة بالقيام بدورها في ضمان الحياد الكربوني”.
“تفادي المقامرة”
مصطفى برامل، خبير بيئي رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية، قال إن “توفر العجلات المطاطية المستوردة على كميات هامة من مادة الكربون يجعلها موردا مهما لإنتاج كميات هائلة من الطاقة الحرارية التي تحتاجها المصانع في أنشطتها الإنتاجية، خصوصا مصانع الإسمنت”، لافتا إلى أن “هذه العجلات تستخدم في المولدات الحرارية للمنشآت الصناعية، وبالتالي فالمغاربة لا يستفيدون لا من استخداماتها الطاقية ولا من عوائدها المادية”.
وأكد برامل، في تصريح لهسبريس، ما ذهب إليه شرود من كون “أهمية استخدام هذه العجلات المطاطية بالنسبة للمصانع ليست مبررا للمقامرة بآثارها المدمرة على البيئة، ومعاكسة مختلف الالتزامات الدولية التي قطعها المغرب في هذا السياق، وتحديدا توقيعه على اتفاقية باريس حول تغيرات المناخ للحد من كل مسببات هذه التغيرات وتأثيراتها السلبية”.
وأوضح رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية أن “حرق هذه العجلات من قبل المصانع بغرض الحصول على الطاقة الحرارية، تنتج عنه انبعاثات غازية سامة ودخان أسواد يساهم في إحداث التغير المناخي بالمغرب، لكونه يمنع من انعكاس أشعة الشمس على الأرض، وبالتالي فهو أحد أسباب الاحتباس الحراري”، مضيفا أن “هذه العملية تهدد بعواقب خطيرة على صحة العاملين والساكنة المحيط بهذه المصانع، وتحديدا الإصابة بأمراض على مستوى العينين والتنفس ومختلف الأمراض السرطانية المزمنة”.
The post خبراء في الطاقة يحذرون الوزيرة بنعلي من خطورة استيراد النفايات المطاطية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.