منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية في 23 يوليوز 1999 عرفت الدبلوماسية المغربية تحولات جذرية وتطورات ملحوظة في سياستها الخارجية.
ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن المغرب تبنّى خلال ربع القرن الماضي نهجا دبلوماسيا متوازنا يسعى إلى تعزيز العلاقات الثنائية، والمساهمة في حل الأزمات الإقليمية والدولية، وتقوية الروابط الاقتصادية والثقافية مع مختلف الدول.
هذا النّهج سيمكن الرباط، وفق المراقبين، من تحقيق إنجازات بارزة على الصعيدين الإقليمي والدولي، أبرزها حشد دعم العديد من الدول لصالح الموقف المغربي حول قضية الصحراء المغربية ومقترحها الحكم الذاتي.
في هذا السياق اعتبر العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط والمدير العام للمجلة الإفريقية للسياسات العامة، إن “الملك محمدا السادس لعب دوراً محورياً في ما يتعلّق بخدمة القضايا الإقليمية والدولية، وذلك من خلال المساهمة اللامشروطة في تدبير جملة من الأزمات الدولية، لاسيما قضيتنا الفلسطينية التي يساويها جلالته بقضيتنا الوطنية، قضية صحرائنا المغربية، فيما يرأس لجنة القدس الشريف المنبثقة عن المؤتمر الإسلامي، التي يعتبر المغرب أكبر مساهم في ماليتها”.
وذكّر الوردي، في تصريح لهسبريس، بـ”الدعم اللامشروط الذي يقدمه جلالة الملك من ماله الخاص لاشقائنا الفلسطينيين في ما يتعلق بمجموعة من المستلزمات الأساسية، لحفظ الحق في الحياة، فيما تعتبر المملكة أول دولة استطاعت تقديمها عبر البر وفي ظرفية استثنائية عصيبة؛ فضلا عن الدور الفاعل الذي يقوم به جلالته في الدفع قدما ببناء ليبيا أخوية، وكذا الإشراف المباشر على تمنيع الشراكة مع مجموعة من الدول، وعلى رأسها إسبانيا، وألمانيا، ودول مجلس التعاون الخليجي، والصين، وروسيا والجمهورية الفرنسية”.
في سياق متّصل لفت الأستاذ الجامعي ذاته الانتباه إلى قطع الملك محمد السادس خلال فترة حكمه مع سياسية الكرسي الفارغ على مستوى الاتحاد الإفريقي، الأمر الذي اعتبره “إعلاناً عن ميلاد ثورة دبلوماسية تكللت بالنجاح والنجاعة والفعالية المقترنة بتناسل الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، ومن أبرزها اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بسيادة المغرب على صحرائه، ناهيك عن فتح جملة من القنصليات لمجموعة من الدول الشريكة والصديقة، وخاصة بمدينتي العيون والداخلة”.
وأشار المتحدث في السياق ذاته إلى أن “المغرب دشّن عبر مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه سنة 2007 مرحلة براغماتية الخطاب الدبلوماسي الذي يقوم على الشرعية الدولية ومشروعية المطلب”، خالصاً إلى أن هذا المقترح يشكّل “نموذجاً أصبحت تصدح به كل القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر 2548 و2703 وغيرها، التي دحض ترهات الكيانات الضالة في العلاقات الدولية، التي أصبحت تتهاوى رقعتها يوما بعد يوم”.
من جانبه أكد حسن رامو، أستاذ بالمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورومتوسطية والإيبيروأمريكية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الدبلوماسية الملكية خلال ربع القرن الماضي يمكن تلخيصها في أربعة أبعاد أساسية؛ يتعلّق الأول بـ”تنويع العلاقات الدولية مع روسيا والصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ما سمح للمملكة بالتموقع في شبكة جديدة من العلاقات مع دول تحكم العالم الحالي”.
البعد الثاني الذي يميز دبلوماسية ربع قرن من حكم الملك محمد السادس، يضيف رامو ضمن تصريح لهسبريس، يتعلّق بـ”السياسة الإفريقية المتميزة التي مكّنت المغرب من عدة مكاسب، أهمها عودته بقوة إلى الاتحاد الإفريقي، ومن ثمراتها دفاعه عن مصالحه من داخل هذا الاتحاد، ما أنتج قرار عدم إشراك الجمهورية الصحراوية الوهمية في أي اجتماعات ثنائية ما بين الاتحاد الإفريقي والدول الكبرى، كالصين وروسيا واليابان”، مذكّرا في هذا السياق بالمبادرة الملكية لفتح الفضاء الأطلسي وربط دول الساحل به، “التي لها تبعات جيوسياسية مهمة على مستوى تموقع المغرب في القارة الإفريقية على المستوى الجهوي”.
وأشار المتحدث إلى عمل المملكة في إطار المنظومة الإسلامية، وخاصة دعم القضية الفلسطينية، كبعد ثالث يبصم على الدبلوماسية الملكية، وزاد: “من خلال هذه القضية يحاول المغرب بحث السلام في الشرق الأوسط والدفاع عن موقف حل الدولتين ودعم جلالة الملك باعتباره رئيساً للجنة القدس للمقدسيين في الحفاظ على مقدسات مدينة القدس الشريف”.
أما البعد الرابع والأخير، يورد الأستاذ الجامعي ذاته، هو “القطع مع تحكم دول الاتحاد الأوروبي في علاقاتها مع المملكة المغربية في ظل حكم الملك محمد السادس، بحيث أصبح لدى المغرب جانب للمناورة وفرض آرائه ووجهة نظره والحفاظ على مصالحه”.
The post حضور وازن بالمنتظم الدولي .. دبلوماسية المغرب تقطف ثمار “العهد المحمدي” appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.