“لماذا لم تسحب الجزائر سفيرها من واشنطن بعد إعلان أمريكا دعمها المطلق لسيادة المغرب على صحرائه؟”، سؤال اختارت السفيرة المغربية في فرنسا، سمير سيطايل، أن تكتفي به ردا على طلب صحافي قناة أوروبا 1 منها التعليق على قرار الجزائر سحب سفيرها لدى “الجمهورية الخامسة”، سعيد موسي، رفضا لقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم مبادرة الحكم الذاتي أساسا وحيدا للحل السياسي في قضية النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة.
السؤال الذي طرحته سيطايل في مقابلة مع القناة التلفزيونية الفرنسية سبق أن تردد أيضا عقب استدعاء قصر المرادية الدبلوماسي نفسه حينما كان سفيرا في مدريد، ردا على إعلان إسبانيا دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، في الرسالة التي بعثها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى الملك محمد السادس في مارس 2022؛ وهو ما قرأه محللون كمؤشر على “خيبة” أمل جزائرية في عدم حذو الدولتين الأوروبيتين حذو الولايات المتحدة الأمريكية في دعم سيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية.
واعتبر المحللون الذين تحدثوا لهسبريس أن “هذا التاقض في ردود صناع القرار الجزائري تجاه الموقفين الفرنسي والإسباني من جهة، والموقف الأمريكي من جهة ثانية، يصدر أيضا عن إدراك لثقل الولايات المتحدة الأمريكية، وعن محاولات لابتزاز الدولتين الأوربيتين بورقتي الغاز والنفط”، مؤكدين أن “فشل الجزائر في كبح الدعم الإسباني لسيادة المغرب على الصحراء ستجتره في خطواتها تجاه فرنسا”.
خيبة وثقل
لحسن أقرطيط، محلل سياسي، قال إن “عدم سحب السفير الجزائري في الولايات المتحدة الأمريكية عقب قرار ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، كما أعقب الموقفين المماثلين لفرنسا وإسبانيأ، يؤشر على خيبة أمل صناع السياسة الخارجية الجزائرية؛ إذ عدا عن إدراكهم مدى ثقل الولايات المتحدة الأمريكية في المجتمع الدولي، كانوا يراهنون على أن هذا الاعتراف لا يتعدى كونه قرارا ظرفيا سرعان ما ستتنكر له إدارة جو بايدن”.
وزاد المحلل السياسي ذاته أن “الجارة الشرقية كانت اطمأنت حينئذ، بعد عدم حذو إسبانيا وفرنسا، الحليفين الرئيسين للولايات المتحدة الأمريكية، حذوها مباشرة، إلى أنهما لن يتخذا مستقبلا أي قرار يصب في صالح الوحدة الترابية للمملكة”، مضيفا: “لذلك حينما غيرت هاتان الدولتان موقفهما بشأن القضية الوطنية تزعزت الحسابات الجزائرية، بالنظر إلى أن هذين المستعمرين السابقين للمغرب على اطلاع بكافة المعطيات القانونية والتاريخية التي تثبت سيادة المغرب على الصحراء”.
وتوقع المحلل السياسي عينه “ألا تنسخ الجزائر ردودها على دعم إسبانيا مخطط الحكم الذاتي سنة 2022، حرفيا، في التعامل مع الخطوة الفرنسية الجديدة؛ فالجارة الشرقية ستظل عاجزة عن طرد السفير الفرنسي في الجزائر، بالنظر إلى الوزن والنفوذ الفرنسي الممتدين في صناعة القرار السياسي والاقتصادي الجزائري”.
ولم يفت المتحدث ذاته أن يشير إلى أن “الموقف الفرنسي ينسف الرهانات الجزائرية على إبقاء المنتظم الدولي في الخانة الرمادية”، مشددا على أن “هذا الموقف سيراعى بقوة في إحاطة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع في الصحراء، عدا عن استثمار اعترافه بالدينامية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية تحت سيادة المملكة كعنصر قوة في مرافعة عمر هلال، السفير الدائم لدى المنظمة”.
محاولات ابتزاز
من جانبه ذكّر محمد سالم عبد الفتاح، محلل سياسي ورئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، بأن “صانع القرار الجزائري حاول توظيف النفط والغاز الجزائريين المصدرين إلى إسبانيا، كورقتي ضغط لابتزاز المسؤولين الإسبان للعدول عن دعم مبادرة الحكم الذاتي، وهو ما يحاول الآن استعماله مع فرنسا”، مشددا على أن “قصر المرادية الذي لا يملك هذه الورقة في علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية، ويدرك ثقلها في المعادلة الدولية، لم يلتجئ إلى الرد على قرار ترامب الاعتراف بمغربية الصحرء”.
واعتبر عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، أن “الخطوات التصعيدية التي تتخذها الجزائر الآن ضد فرنسا أثبتت فشلها في الحالة الإسبانية؛ إذ لم يزد الرد الجزائري الحاد على موقف إسبانيا بشأن القضية الوطنية هذه الدولة إلا ثباتا على دعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وهو ما حافظت عليه الحكومة الإسبانية الثانية تحت قيادة سانشيز”.
والردود الجزائرية على الموقف الفرنسي، بالنسبة للمحلل ذاته، “ستفضي بالجزائريين إلى طريق مسدود، إذ لفرنسا دور هام في الاقتصاد الجزائري، بحكم الاستثمار القوي لشركاتها داخل الأراضي الجزائرية، وظفرها بمجموعة من الصفقات العمومية لمشاريع البنى التحتية، فضلا عن التواجد القوي للجالية الجزائرية في بلاد الجمهورية الخامسة”.
وزاد المتحدث عينه شارحا “عدم جدوى” الخطوات الجزائرية ضد فرنسا أن “هذه الدولة الأوروبية تدرك أهمية العلاقات مع المغرب، وتقاطع مصالحها الإستراتيجية في القارة الإفريقية مع السيادة المغربية على الصحراء؛ خاصة المبادرة الأطلسية التي ستعزز التنمية بالأقاليم الجنوبية: بوابة الأسواق الواعدة في غرب القارة الإفريقية”.
The post ثقل الولايات المتحدة يسحق المناورات الجزائرية في قضية الصحراء المغربية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.