عاد شبح الحرب الأهلية ليُخيم على ليبيا، وسط عدد من الأحداث والتطورات السياسية والعسكرية التي شهدتها هذه الدولة المغاربية في الأيام القليلة الماضية؛ أبرزها عودة المواجهات بين الفصائل المسلحة في الغرب الليبي، إذ شهدت منطقة تاجوراء شرق طرابلس، ليل الجمعة الماضي، اندلاع اشتباكات بين فصيلين تابعين لحكومة الدبيبة، خلفت تسعة قتلى، حسب ما أفادت به مصادر إعلامية ليبية.
وإلى جانب ذلك، أثارت التحركات الأخيرة للقوات العسكرية التابعة للمشير خليفة حفتر، التي تسيطر على المنطقة الشرقية، في اتجاه الجنوب الغربي للبلاد من أجل “تأمين الحدود”، تأهب القوات التي تسيطر على الغرب تحت قيادة حكومة الوحدة الوطنية التي أكد رئيسها عبد الحميد الدبيية الوقوف في وجه من “يحاول تجديد الخروقات العسكرية وتعزيز الانقسام”، على حد تعبيره.
تطورات عسكرية مقلقة يرافقها انسداد أفق الحل السياسي في هذا البلد المغاربي واتساع رقعة الانقسام بين مختلف الفرقاء السياسيين، خاصة في ظل الصراع على السلطة في المجلس الأعلى للدولة بين كل من محمد تكالة وخالد المشري، وقبلها الصراع بين هذا المجلس ومجلس النواب في بنغازي على قانون الميزانية، إضافة إلى تفاقم الخلاف بين حكومة الدبيبة في الغرب وحكومة أسامة حماد في الشرق، بعد استقبال هذا الأخير في مصر؛ وهو ما أثار غضب حكومة طرابلس التي طالبت مسؤولين مصريين بمغادرة أراضيها، فيما دعت حكومة حماد جميع الدول إلى نقل سفاراتها إلى بنغازي بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة في الغرب الليبي.
وتثير هذه الأحداث مخاوف أفراد الجالية المغربية المقيمين في ليبيا، الذين أكدوا في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية أن ضبابية المشهد الأمني في ليبيا يؤثر يفاقم من خوفهم على حياتهم وممتلكاتهم ويؤثر على وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية وكذا النفسية في هذا البلد المغاربي.
في هذا الصدد، قال محمد حسن الواثق، المدير التنفيذي لجمعية الصداقة الليبية المغربية، إن “التطورات الأخيرة التي شهدها منطقة تاجوراء ضواحي طرابلس تجدد المخاوف من عودة ليبيا إلى خانة الصفر”، مسجلا أن “أفراد الجالية الذين يعيشون في المنطقة الغربية متخوفون من هذا الأمر، وأغلبهم متأهب لمغادرة مسكنه في حال ساءت الأمور أو تطورت”.
وأوضح المتحدث لهسبريس أن “الآثار المترتبة عن عودة الاشتباكات المسلحة بين بعض الفصائل التي تتقاتل حول توزيع المصالح والمواقع هو كثرة السدود الأمنية التي يحس معها المرء بأن الأمور قابلة للانفجار في أية لحظة”، مشيرا إلى أن “المعارك الأخيرة أدت إلى قطع الطريق من مصراتة إلى طرابلس؛ وهو ما لم تتمكن معه مجموعة من أفراد الجالية المغربية من قضاء أغراضهم الإدارية بالقنصلية المغربية”.
وشدد المدير التنفيذي لجمعية الصداقة الليبية المغربية على أن “الاشتباكات المسلحة الجارية تنعكس سلبا على أوضاع الجالية وتزيد من مخاوفهم على حياة أسرهم وممتلكاتهم، كما تؤثر أيضا على وضعهم الاقتصادي والاجتماعي على اعتبار أن بعض المهن التي يزاولونها أصبحت مشلولة أضف إلى ذلك قلة فرص الشغل؛ وهو ما جعل العديد منهم يفكر بجدية في العودة إلى أرض الوطن أمام عجزهم عن أداء إيجار المساكن التي يقطنونها”.
من جهته، حكى نبيل أولاد أحرامت الله، مغربي مقيم بليبيا، لجريدة هسبريس الإلكترونية، مشاهد الرعب والهلع التي عاشها الجمعة الماضي، لما وجد نفسه وسط ساحة المعركة ضواحي طرابلس، إذ قال: “عشت أنا وصديق ليبي ليلة كاملة من الرعب والخوف لما اندلعت فجأة الاشتباكات المسلحة بين فصائل من تاجوراء ومصراتة بينما كنا في طريق العودة إلى المنزل لنجد أنفسنا وسط أصوات الرصاص والقذائف”.
وزاد: “اضطررنا إلى الاختباء وتجنب الظهور إلى العلن لفترة طويلة خوفا من التعرض لرصاصة طائشة أو لضربة من قناص، قبل أن نتسلل لنبيت عند بعض المواطنين الأفارقة إلى حين حلول صباح اليوم التالي”، مسجلا أن “الحالة النفسية لأفراد الجالية الذين يعيشون في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة من الطبيعي أن تكون مدمرة فهٌم دائمو الخوف على حياتهم ومستقبلهم في هذا البلد”.
ودعا أحرامت الله، ضمن حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، الحكومة المغربية إلى “منع مواطنيها من التوجه إلى ليبيا التي تعيش أوضاعا أمنية غير مستقرة، والعمل على توفير مناصب شغل لهم؛ لأن قلة فرص العمل في المغرب هي دفعت العديد منا إلى مغادرة بلادنا والبحث عن فرص خارج البلاد، ولو في مناطق تشهد حروبا ونعيش فيها وضعا نفسيا مدمرا”.
The post تجدد الاشتباكات المسلحة وعودة شبح الحرب الأهلية يثير مخاوف مغاربة ليبيا appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.