بالتزامن مع حُظوة ذات دلالات بليغة نالتها أزمة ضُعف الموارد المائية بـ”حصة الأسد” في مضامين خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش، داعيا إلى تسريع جهود البحث عن حلول لتجاوز الوضعية الصعبة، مازالت بعض المناطق المغربية الحضرية وشبه الحضرية تعاني من هذه الإشكالية المزمنة بعد احتداد آثار الجفاف الهيكلي في عامه السادس تواليًا وسط ظرفية صيفية.
وبينما شدد الملك محمد السادس على “خطورة الأزمة” المهددة للأمن المائي للمغاربة، داعياً إلى الحفاظ على الماء بوصفه “مسؤولية وطنية، تهم جميع المؤسسات والفعاليات؛ وهي أيضا أمانة في عنق كل المواطنين”.
صنابير جافة
رغم “الإجراءات الاستعجالية والمبتكرة التي تم اتخاذها لتجنب الخصاص في الماء” ارتفعت منشورات على مواقع التواصل للساكنة بعدد من جماعات المنطقة الجبلية بإقليم العرائش (تزروت، بني عروس، بني كرفط) التي تعيش هذه الأسابيع على وقع انقطاع المياه؛ بشكل “هدد الدورة الاقتصادية والسلم الاجتماعي بهذه الجماعات، وفي مقدمتها ‘جماعة تزروت’ (تحديدا منطقة جبل العلم مولاي عبد السلام)”.
هذه الانقطاعات صعّدت حدة التوتر في الأوساط المجتمعية المحلية، ودفعت بالوضع نحو الاحتقان الاجتماعي بعد إعلان سكان المنطقة الدخول في اعتصام أمام مقر القيادة، ضمن بيان لجنة من ساكنة مولاي عبد السلام والنواحي بإقليم العرائش، للتعبير عن رفض “سياسة التعطيش”، محمّلين الإدارة المحلية للمكتب الوطني للماء بالعرائش “كامل المسؤولية” عن هذا الوضع، بحسبهم.
وحسب بلاغ للجنة ذاتها، نقلته مواقع محلية، فإن “الخطوة تأتي تأسيسا على الخطابات الملكية السامية التي تحيل على توجيهات الملك الرشيدة إلى التعامل بحزم مع السياسة المائية ببلادنا، واستحضارا للخطاب الملكي السامي الذي ألقاه الملك في الذكرى 25 لعيد العرش، الذي شدد فيه على أنه ‘لا مجال لأي تهاون أو تأخير أو سوء تدبير في مشاريع الماء… واتخاذ جميع الإجراءات الاستعجالية والمبتكرة لتجنب الخصاص في الماء، خاصة بالنسبة للساكنة بالعالم القروي’”.
وغير بعيدٍ عن العاصمة الرباط، وبالتحديد جماعة سيدي علال البحراوي (المعروفة شعبيا باسم ‘الكاموني’)، مازالت الساكنة هناك، خصوصاً بالعمارات السكنية المرتفعة نسبيا، تعاني وضعا قاسيا متجسدا في “انقطاعات للتزويد بالماء الصالح للشرب طيلة النهار”؛ وفق شكاوى وإفادات توصلت بها هسبريس من ليلى، إحدى القاطنات بالمنطقة.
وأكدت ليلى، في حديثها لهسبريس، أن “مشكل الانقطاعات ازداد حدة مع دخول الصيف طيلة ساعات النهار من السابعة صباحا إلى أوقات مسائية متأخرة”، فيما لم تنفع طمأنة بعض المسؤولين بأنه “مشكل ضخ مياه ونقص في ضغطه كي يصعد إلى طوابق عليا”.
ولفتت المتحدثة ذاتها إلى أن “الأمر ليس محدودا، بل يعني ساكنة متوطّنة آخذة في التزايد بدأت تعمّر المنطقة وتقتني مساكن لها للاستقرار، غير أن أشهر الصيف دائماً ما تعرف تكرر هذه المأساة، من انقطاع المياه وتعكير أجواء العيش الكريم واللائق”، وفق تعبيرها.
تطويق الاحتقان
أحمد الوهابي، رئيس جماعة تزروت التابعة ترابيا لإقليم العرائش، أفاد جريدة هسبريس بأن “الجهود جارية لاحتواء الوضع ومنع حدوث احتقان في جماعات ترابية تابعة لدائرة مولاي عبد السلام بإقليم العرائش، الغنيّ ترابُه بسدود هامة”، كاشفاً توجيهه إلى عامل إقليم العرائش يوم فاتح غشت الجاري “طلب عقد اجتماع مع المدير الإقليمي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، لبحث إشكالية التزود بالماء في مركز مولاي عبد السلام بن مشيش”، وداعيا إلى “إقرار حلول دائمة لتعميم التزود بالماء الشروب على ساكنة مركز مولاي عبد السلام بن مشيش، وفق برنامج محدد ومنتظم لعملية التوزيع، وإلزام المدير الإقليمي لـonee بالتوقيع على محضر تفصيلي لذلك”.
وتضمنت نسخة الطلب التي اطلعت عليها هسبريس تشريحاً للوضع في “مسألة سوء تدبير وإدارة وتوزيع الموارد والاحتياطيات المائية بالمنطقة”، مؤكدة أن “إشكالية الانقطاعات المتتالية والمفاجئة والمتكررة لشبكة الماء الشروب، التي أدت إلى الإضرار بالاحتياجات اليومية للساكنة من المياه الصالحة للشرب، أثرت من جهة أخرى وبشكل سلبي على حركية السياحة الموسمية بالمركز خلال العطلة الصيفية، ما نتج عنه شلل تام في جميع الأنشطة الترويجية التي دأبت الساكنة على أن تعتاش من عائداتها”.
وانتقد رئيس الجماعة المعنية، ضمن مراسلته للعامل، “مسؤولي المديرية الإقليمية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالعرائش، إذ لم يُعيروا هذا الأمر المستعجل أي اهتمام أو تجاوب، بل أكثر من ذلك تعمّدوا عدم التواصل معنا، وعدم الرد على اتصالاتنا الهاتفية للاستفسار عن مآل وأسباب هذه الانقطاعات، وإزاء هذا الوضع الحرج الذي ازداد تدهورا في الآونة الأخيرة نتيجة تمديد أيام الانقطاعات”.
وشرح الوهابي لهسبريس: “نتيجة عدم وجود أي مسؤول مخاطب من المديرية الإقليمية المعنية ارتأت الساكنة المتضررة، مضطرة، التعبير عن استيائها من سلوكيات مسؤولي المكتب بالعرائش، واللجوء إلى خوض اعتصام مفتوح، قبل تعليقه بعد دعم العمالة للساكنة، والتخفيف من حدة الإشكال، من خلال إرسال 4 صهاريج كبيرة لنقل وتوزيع مياه الشرب على الساكنة ابتداء من يوم الأربعاء 31 يوليوز 2024”.
وأجمل الوهابي بأنه “رغم التوجيهات الملكية الواضحة في أكثر من خطاب للتواصل مع المواطنين حول أزمة الإجهاد المائي وإخطارهم بمستجداتها إلا أن بعض المسؤولين مازالوا حبيسي مقاربة تدبيرية غير فعالة للموارد المائية، التي لا تعاني الندرة في حالة جماعات إقليم العرائش”.
The post انقطاع صبيب الماء الشروب يثير غضب السكان في عدة جماعات ترابية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.