بعد “أشواك الربيع” و”عين على الطريق” و”أصوات المدينة” غادر الشاعر المغربي الخمار الفراوي دنيا الناس سنة عيشه 73، بعد مسار كان فيه فاعلا تربويا، وشاعرا متشبّثا بالشعر العمودي، وناظما للكلم الذي من بين ما تذكّره فيه زوجته الراحلة بغداد.
وكان الشاعر الفراوي ملحا على الاعتناء بالشعر الموزون المنضبطِ للأوزان الخليلية، موجّها دواوينه وقصائده “إلى الدائبين على البحث في مختلف الفنون الأدبية، وبالخصوص أولئك الذين مازالوا يصغون إلى الشعر التقليدي، ويحرصون على أوزانه وقوافيه، وما يتشكل داخلها من بيان وبديع، وما تلامسه من قضايا إنسانية واجتماعية وسياسية وغيرها”.
ووفق سيرة الفقيد الراحل شهر يوليوز الجاري بفاس فإن الشاعر “رأى النور في ضاحية الغوازي، بإقليم تاونات؛ وهو خريج جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، واشتغل بتدريس اللغة العربية بثانوية ابن خلدون بقرية ابا محمد، كما درّس التربية الإسلامية، قبل أن يشغل سنة 1986 مهمة مدير لأول إعدادية بقرية الورتزاغ بالإقليم نفسه”.
وتابعت السيرة: “التحق سنة 1988 بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بفاس، ليتولى لاحقا مهمة رئيس شعبة الامتحانات إلى غاية حصوله على المغادرة الطوعية سنة 2005″، وقد كان ينشر شعره في ملاحق ثقافية، ومجلات مغربية وعربية، قبل انطلاق إصدار دواوينه، سنوات 2012، و2015، و2021.
وسبق أن أدّيت قصيدة وطنية للخمار الفراوي ملحّنة من طرف كورال جمع يافعين، وهو ما عُرض وسجّل في إطار ورشة بثّت أطوارها المديرية الجهوية للثقافة بجهة فاس مكناس.
وفي إحدى مداخلاته التي حلّ فيها ضيفا على إذاعة محمد السادس للقرآن تحدّث الخمار الفراوي عن “الرسالة الشريفة للسّلف”، التي حمّلها الخلفَ الذي كان منه، ومن بين ما سطّرته حسن الانتماء والوفاء إلى الوطن ومجاله، ثم الأخذ بيد الناشئة لـ”معرفة كنوز بلدهم، وتزويدهم بالعدة النفسية والعلمية للانخراط بصدق وكفاءة في مختلف المشاريع التنموية التي تشرف المغرب والمغاربة”، عن طريق وسائل من بينها “المواد الوطنية المستقلة في المقررات الدراسية، والمسرحيات والروايات عن البطولات الوطنية، والأشعار والأناشيد المغربية التي تلهب مشاعر المواطنين”.
وسبق أن صرّح نجل الراحل، نزار الفراوي، قبل سنة، بأن كتابه الصادر عن دار سليكي أخوين “فاس ذاكرة الروح وأنفاس المكان” “بمثابة إهداء رمزي” لوالده “الذي أقام في فاس تلميذا قرويا وافدا بثانوية مولاي إدريس، في قلب المدينة العتيقة، وعاد إليها مسؤولا تربويا بالأكاديمية الجهوية للتعليم”، و”كان يحرص” على اصطحابه في “زيارات لأماكن أثيرة، تذكي الوعي بأهمية الإرث العمراني والرمزي، وبأهمية الذاكرة المادية واللامادية”.
وفي آخر إصدارات الخمار الفراوي “أصوات المدينة” خاطب “القارئ الكريم” شعرا، جاعلا إياه “أصل فعلٍ وانفعالٍ”، ناشدا انسجاما يجمعه وقارئه عبر المعاني المنظومة.
وأمام عجائب الخلق لم يجد الشاعر إلا “سبحان الله”، مع بسطهِ ما أذهله في الحياة وقد جاوز عامه السبعين، كما لم تغب عن ديوانه تأملات في توالي الأجيال، وأحوال الأيام والحياة، وأناسها، والنفس وما كسبَت، والبلاد، ومدينته؛ كما تذكر حُبَّهُ زوجتَه الراحلة بغداد، داعيا الناس، قبل رحيلِه، إلى التمسك بابتسامةٍ وألا يُسلِموها لظلماء الليل.
The post الشاعر الخمار الفراوي يلتحق بـ”بغداد” بعد تشبّث بابتسامة ونظم عموديّ appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.