تزخر الجماعة الترابية القروية تيديلي مسفيوة بإقليم الحوز بالعديد من المعطيات التي تجعل منها مزارا سياحيا، من قبيل وقوعها بجبال الأطلس الكبير، وبالمحاذاة من جماعة ستي فاظمة، وتغدوين؛ إلى جانب وجود مناطق كانت سكنا للطائفة اليهودية، وتراث معماري هندسي يسرد قصة حضارة منطقة ذات عمق تاريخي وحضاري يمتح من رؤية للحياة، ويشكل نمطا اجتماعيا يعكس تعايش وتلاحم السكان ومحيطهم.
فقبيلة مسفيوة (إيمسفيوا) “يعود أول ذكر لها إلى القرن 12 الميلادي، إذ وردت عند البيذق في معرض ذكره أخبار المهدي بن تومرت، وسيتردد ذكرها للمرة الثانية كقبيلة كبيرة عند ابن خلدون في تاريخه خلال القرن (14م)”، بحسب رشيد شحمي، الباحث في التاريخ الاجتماعي للأطلس الكبير.
وأردف الباحث ذاته، في تصريح صحافي للجريدة الإلكترونية هسبريس: “بعد استقرار أحمد المنصور الذهبي في مراكش بدأ اسم مسفيوة، كقبيلة جبلية تسيطر على منابع مياه غزيرة يحتاجها السهل والمدينة، يستعيد مكانته. وسيكثر الكلام عن مسفيوة خلال القرنين 18 و19 الميلاديين، خاصة عند صاحب ‘الاستقصا’، إذ يصنفها، كباقي كتاب الدولة، كقبيلة تتمرد بسرعة على سلطات المخزن عندما تمس حقوقها، وخاصة حقوقها المائية”.
وأضاف شحمي: “قرية إيكلوان ذات عمق تاريخي لأنها تعد من أقدم القرى في حوز مراكش، وكانت تابعة لقبيلة هزراجة التي انقرضت، وهي الآن تابعة لقبيلة مسفيوة؛ إذ قل ما نجد قرية يرجع تاريخها إلى ما قبل القرن 16 ، وهي قرية قديمة ذكرت زمن المهدي بن تومرت الذي فر إليها بعد أن خرج من مراكش، ثم إوريكن، ثم أغمات إيلان قرب حصن تاسغيموت، ومر من إيكلوان، هروبا من سلطة علي بن يوسف، فاستقبله فيها إسماعيل اكيك وحماه هناك من بطش المرابطين”.
وتابع المتحدث ذاته: “تعني كلمة إيكلوان، وهي جمع أكلو: الممر من مرتفع لآخر، وتتميز ببنائها المعماري الحجري الذي له علاقة بالطبيعة من حيث مواد البناء والمجال الجغرافي، فالأهالي يلجؤون إلى استعمال المواد المحلية، لذا تحضر الأحجار في المناطق الجبلية، والطين المكبوس في السهول، وبالتلال والهضاب يعتمد خليط من الحجر وطين اللوح”، مشيرا إلى أن “عمارة الحجارة تتميز بهندسة بديعة، لأن الأحجار يربطها تناسق تام لا يحتاج إلى طلاء خارجي، كما تعطي جمالية في شكلها الخارجي والداخلي”.
يذكر أن هذا الفن المعماري يجسد رؤية الأمازيغ للعالم عبر تصاميم هندسية جميلة استخدمت في بنائها المواد الطبيعية المتوفرة في المجال، لتتنوع من السهول إلى التلال والهضاب والجبال؛ ما جعل البنايات تشكل جزءا من الطبيعة، وهو ما مكنها من مقاومة عوامل التعرية، فمنها مبان عديدة مازالت شامخة تحتفظ برونقها وحيويتها مندمجة في نمط حياة التجمعات السكانية الأمازيغية في المغرب.
وعن مجهودات رئاسة الجماعة من أجل الترافع عن هذه المنطقة، لجعلها وجهة سياحية، تساهم في التنمية المستدامة، وتوفير فرص شغل لشباب تيدلي مسفيوة، أوضح رشيد راسو، رئيس الجماعة، أن هذه المؤسسة المنتخبة وجهت طلبا بهذا الخصوص إلى وزارة الثقافة، “من أجل تثمين المآثر التاريخية المادية واللامادية”.
The post إيكلوان .. ملجأ ابن تومرت في الحوز appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.