قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، رئيس الوفد المغربي، ممثلا للملك محمد السادس في القمة الرابعة لمنتدى التعاون الإفريقي – الصيني (فوكاك)، إن “المغرب بفضل مؤهلاته وموارده الاستراتيجية، سيبقى شريكا مثاليا للصين وإفريقيا في تنفيذ مختلف المبادرات المشتركة”، معتبرا أن “هذا التعاون يتيح التركيز على قطاعات حيوية مثل تحديث الزراعة، وتطوير البنية التحتية، والطاقات المتجددة”.
أخنوش الذي كان يتحدث ضمن “اجتماع عالي المستوى حول دعم التصنيع في إفريقيا، وتحديث الزراعة، والتنمية الخضراء على طريق التحديث”، اليوم الخميس 05 شتنبر في بكين، بحضور الرئيس الصيني والقادة الأفارقة، شدد على أن “السياسة الإفريقية للمملكة المغربية جعلت التنمية الفلاحية والأمن الغذائي في صلب اهتماماتها”.
رئيس الحكومة أشار إلى ما تبوأته الفلاحة ضمن هذه السياسة بعدما “شكلت خلال الزيارات التي قام بها الملك محمد السادس إلى الدول الإفريقية عنصرا أساسيا في استراتيجية التعاون مع الدول الإفريقية، سواء من خلال برامج التعاون المتعددة، أو من خلال التوجيهات الملكية لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط لوضع برامج خاصة في هذا المجال للدول الإفريقية”.
وجدد أخنوش التزام المملكة بـ”مواجهة تحديات الأمن الغذائي في إفريقيا”، مستحضرا أنها “أطلقت مشاريع كبرى، مثل بناء مصانع لإنتاج الأسمدة في إثيوبيا ونيجيريا”، فضلا عن “تعزيز المكتب الشريف للفوسفاط لحضوره في إفريقيا من خلال افتتاح 12 تمثيلية في الجهات الأربع للقارة، وتعزيز إنتاج وتوزيع الأسمدة من خلال إطلاق ثمانية مشاريع صناعية في قارتنا”.
المسؤول الحكومي المغربي لم يتوان عبر كلمته أمام المسؤولين الصينيين ورؤساء الحكومات والقادة الأفارقة المشاركين بالقمة، في نقل “تحيات وتقدير صاحب الجلالة الملك محمد السادس” إلى المشاركين في قمة منتدى “فوكاك”، مسجلا أنه “مناسبة ليشكر جمهورية الصين على استضافتها لهذا المنتدى، الذي يجسد الرغبة الحثيثة في تطوير وبلورة رؤية مستقبلية للعلاقات الصينية الإفريقية”.
إشادة مغربية بالمبادرات الصينية
“لا تفوتني الإشادة بمختلف المبادرات الصينية التي أطلقها فخامة السيد شي جين بينغ (Xi Jinping)، رئيس جمهورية الصين الشعبية، وما تفتحه من آفاق وفرص هامة للتعاون”، خاصا بالذكر “مبادرة الحزام والطريق والمبادرة الدولية للتنمية التي تساهم في بناء تصور متميز للعلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف”، وفق تعبير رئيس الحكومة.
وتابع: “إن المملكة المغربية على قناعة تامة بأن الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول الإفريقية تشكل ركيزة قوية بالنسبة لقارتنا، ومن شأن الشراكة أن تعزز العلاقات بين الجانبين وترتقي بها إلى مستويات أوسع”.
واستحضر رئيس الحكومة “الزيارة المثمرة التي قام بها الملك محمد السادس لجمهورية الصين الصديقة، في ماي 2016، والتي توجت بالتوقيع على الإعلان المشترك حول إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية، التي تعكس مدى الإمكانات المتاحة بين البلدين، وتجسد الإرادة السياسية القوية والصادقة للبلدين في الإسراع في بلورة هذه الرؤية المشتركة على أرض الواقع، والمضي قدما نحو آفاق واعدة للتعاون”.
وعي عميق بأهمية التصنيع والتحديث الزراعي
في كلمته باسم الوفد المغربي، الذي يضم وزير الشؤون الخارجية والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية السياسات العمومية، ثمن أخنوش اختيار موضوع “دعم التصنيع في إفريقيا، وتحديث الزراعة، والتنمية الخضراء على طريق التحديث” شعارا لهذا الاجتماع رفيع المستوى، مسجلا أنه “يعكس الوعي العميق للصين وإفريقيا بأهمية التصنيع والتحديث الزراعي والتنمية المستدامة بالنسبة للقارة الإفريقية”.
وأضاف أمام رؤساء الدول والحكومات الإفريقية مذكرا بأن “المملكة المغربية قامت باعتماد استراتيجيات طموحة في هذا الإطار، على غرار الميثاق الوطني للانبثاق الصناعي ومخطط التسريع الصناعي، اللذين ساهما في تطوير القدرات الصناعية وتعزيز الابتكار في المملكة”.
“كما حرصت بلادنا على إخراج ميثاق تنافسي جديد للاستثمار، وفق مقاربة من بين أهدافها تعزيز تواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي والرفع من جاذبية وتدفق الاستثمارات الأجنبية على بلادنا”، يورد رئيس الحكومة المغربية، مبرزا أن “الرهان على مجموعة من قطاعات المستقبل، كالطاقات المتجددة، وصناعة السيارات الكهربائية، وصناعة الطائرات، والصناعات الإلكترونية، والهيدروجين الأخضر…”.
وعلى غرار الصناعة، أكد أخنوش “رهان المغرب على إطلاق مبادرات طموحة لتحديث قطاع الزراعة”، ذكر من بينها مخطط “المغرب الأخضر” و”استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، وقال: “تمكنت بلادنا من خلالهما من تحديث قطاعها الزراعي وتعزيز إنتاجيته واستدامته من أجل ضمان السيادة الغذائية، وذلك في ظل تداعيات تحديات التغيرات المناخية وآثارها على الفلاحة وضمان الأمن الغذائي بالدول الإفريقية، وفي سياق صعب يتسم بتراجع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والضغط على الموارد الطبيعية، لا سيما الموارد المائية”.
وأشار أخنوش إلى أنه “في إطار تعزيز الحكامة الجيدة للماء، يقوم المغرب، وفقا للتوجيهات الملكية السامية، بإعداد مشاريع كبرى بقيمة مالية تتجاوز 14 مليار دولار، من بينها اعتماد السقي بالتنقيط في القطاع الزراعي، واستكمال بناء السدود، ونقل المياه بين الأحواض عبر طرق سيارة للمياه، إضافة إلى مشاريع أخرى مبتكرة في إطار تحلية مياه البحر. وستمكن هذه المشاريع من توفير حاجياتنا من الماء سواء الموجهة للقطاع الزراعي أو للشرب”.
المغرب “مستعد للإسهام والانفتاح”
في سياق متصل، اعتبر أخنوش أنه “إذا كان النظام الدولي يواجه في السنوات الأخيرة توالي وتداخل أزمات عديدة، وتسارع حدوث تغييرات جيو-سياسية عميقة في عالم أصبح متعدد الأقطاب، فإن العمل المشترك من قبيل تعزيز التعاون الصيني–الإفريقي ضروري لربح مختلف الرهانات”.
رئيس الحكومة شدد على أن “المملكة المغربية مستعدة للمساهمة في إعطاء مضمون ملموس لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، عبر تطوير آلياته وبرامجه ومبادراته في مختلف القطاعات، وفي إطار مزيد من الانفتاح على التجربة الصينية الرائدة”.
وأقام أخنوش ربطا بين “أهداف هذا المنتدى” التي قال إنها “تتقاطع مع مجموعة من المبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تعكس التزام المغرب بالسلام والاستقرار والتكامل الإقليمي والتنمية المستدامة في إفريقي، وعلى رأسها المبادرة الدولية لتيسير وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، الهادفة لتوفير وصول مباشر ومفيد أكثر إلى المحيط لبلدان الساحل، مما يسهل التجارة والتبادلات الاقتصادية”.
كما ذكر في كلمته “مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب”، الذي يهدف لإنشاء ممر طاقة استراتيجي يعزز التعاون في مجال الطاقة وينشط النمو الاقتصادي في المنطقة.
وختم أخنوش بالشديد على أن “المملكة المغربية على قناعة راسخة بأن هذه المبادرات، المدعومة بالشراكات الثلاثية، ستلعب دورا حيويا في تحقيق مستقبل مزدهر ومستدام لإفريقيا”، منوها إلى أن “الصين، ومن خلال دعمها لهذه المبادرات، لن تعمق شراكتها مع المغرب فحسب، بل ستلعب أيضا دورا حاسما في تعزيز الاستقرار الإقليمي والازدهار في إفريقيا، بما يتماشى مع مبادراتها العالمية”.
The post أخنوش من بكين: الشراكة المغربية الصينية تعزز الاستقرار والازدهار في إفريقيا appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.